من يتتبع حال أغلب الحوارات التي تدور في مجالسنا أو عبر شاشات محطاتنا الفضائية أو حتى عبر منتدياتنا الالكترونية يرى ويسمع ويقرأ العجب العجاب من مختلف الألوان من الألفاظ النابية أو الطاردة أو المستهزئة بالرأي الآخر ولسان حال اصحابها يقول لا أريكم الا ما أرى، ولاشك بأن ذلك الحال الحواري المزري يؤكد على استبدالنا ثقافة الحوار التي نفتقدها بثقافة العراك التي نجيدها، وكم هو محزن أن نرى بعض مثقفينا الذين نلتمس منهم أن يكونوا ملمين بتلك الثقافة الحضارية أن نراهم يمارسون ثقافة العراك بهدف الإقصاء أكثر من ثقافة الحوار التي تهدف إلى الالتقاء أما ما يزيد الجرح إيلاما والفتق اتساعاً فهو الامتداد الذي يترتب على ذلك الخلاف الحواري إلى فئات أخرى تتداعى بصورة هو جاء إلى النيل من أحد المتحاورين حسب الميول العاطفية والاجتماعية والمذهبية والفكرية لا حسب الحجة الدامغة والإقناع العلمي المنطلق من الأدلة والبراهين الفكرية والمادية. ولاشك بأن ذلك الحال غير المحمود يتطلب منا جميعا الارتقاء بأنفسنا عند الحوار وممارسة ضبط النفس والالتزام بثقافة الحوار بعد الإلمام بها ثم على مؤسساتنا التربوية والإعلامية والدعوية أن تغرس ثقافة الحوار من خلال ما تقدمه من برامج ونشاطات وكم أتمنى أن يخصص عام كامل يكون شعاره (الحوار للالتقاء لا للاقصاء) وأن يتبنى فكرة تنفيذ ذلك مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الذي نراه قد اتجه باتجاهات جانبية في مراحله الأخيرة حيث نراه اتجه باتجاه المساءلات وطرح قضايا تنموية ومؤسسية أرى أن مجلس الشورى هو الجهة المسؤولة عنها. أما ثقافة الحوار التي من المفترض أن يتبناها مركز الحوار فنراها قد تلاشت حيث كان من المفترض أن يرتكز في أعماله على نشر ثقافة الحوار الفكري فقط وأن يكون له دور ملموس داخل مدارسنا وجامعاتنا ومنابرنا الدعوية وعبر شاشاتنا الفضائية وأن يتولى نشر تلك الثقافة سلوكاً ممارساً لإشعارات رنانة يتغنى بها البعض عند اقواله لكنه يتناسها عند أفعاله. ولعلي هنا اجدها فرصة لأطرح بعض المقترحات أمام القائمين على مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني المناط بهم هذا الأمر ومن تلك المقترحات: * من الملاحظ أن الغالبية العظمى من المشاركين في لقاءات مركز الحوار الوطني الذي يتنقل بين مدن المملكة هم نفس الفئة أما عملية تجديد الدماء وتجديد الرؤى والأفكار فهي محدودة جداً وهذا أمر بالتأكيد أرى أن فيه الكثير من القصور في نشر تلك الرسالة بصورتها الشاملة ويبدو أن القضية عند اختيار الأعضاء المشاركين قد انحرفت بانحراف المصالح الخاصة أو المجاملات لذا ارى أن يتم تجديد كافة الدماء المشاركة في كل لقاء ما عدا الهيئة الإدارية. *كم أتمنى ان يتم توزيع ما يتم إنجازه في اللقاءات من حوارات فكرية ليتم الإفادة منه في مدارسنا وجامعاتنا وأجهزتنا الإعلامية. * كم أتمنى أيضاً أن يتبنى المركز الكثير من المناشط الفرعية التي تصب في نفس المصب ويتم توزيع تلك المناشط حسب المواقع التي تمارس في أعمالها مثل تلك الثقافة الهامة جداً – والله تعالى من وراء القصد.