لم تزل قضية المفحط السعودي الشهير أبو كاب في أروقة المحاكم حتى هذه الساعة رغم مرور أكثر من 3 سنوات عليها، وهو الذي قتل 3 من المراهقين ظلماً وعدواناً. واليوم يُفجع المجتمع بضحية جديدة، ليست من فئة المراهقين، بل جندي اسمه سلطان الحربي ذهب ضحية تهور شاب أكبر من مراهق لا يحمل رخصة قيادة، ولكن يحمل عزيمة تهور وطيش مراهق ونزق مستهتر. شاب يبلغ من العمر 21 سنة يمارس التفحيط الساعة الثانية وعشرين دقيقة بعد منتصف الليل في شارع رئيس في مدينة مزدحمة مثل جدة. هل نحن متجهون نحو إنشاء خصوصية جديدة لنا تميزنا عن خلق الله أجمعين، وتُضاف إلى سلسلة (التميزات) المعروفة عنا؟! إلى متى نمارس الصمت المطبق تجاه الاستهتار بأرواح الناس، وكأن لا قيمة لها؟ ما جدوى الزعم أننا (نبني) الإنسان في حين يقتله الطائشون لمجرد إشباع نزوة لا تحمل سوى دلالات السفه البالغ وقلة العقل وانعدام الذوق والأدب. وفي المقابل ينتمي هذا الجاني إلى نادي البطالة الذي قارب عدد أعضائه المسجلين رسميا نصف مليون نسمة، وهو عدد يمثل جزءا من الحقيقة لأن كثيرين لا يسجلون رسمياً رغبتهم في العمل، وإنما يبحثون عنه بطرقهم الخاصة، فمعظم الوظائف المتوفرة رسميا غالباً من ماركة (أبو كلب) يعني براتب ألف إلى 1500 ريال بدوام 8 ساعات وبلا إجازات ولا حقوق ولا يلطمون ولا يحزنون. صحيح أن البطالة ليست مبرراً لممارسة التفحيط، لكن البطالة مفسدة، وأي مفسدة، خاصة في ظل أسرة مفككة تغيب عنها تربية جيدة ورعاية حسنة. البطالة تقدم لأعضائها إغراءات كثيرة ليس أولها التفحيط، وليس آخرها الانحراف بشقيه الأخلاقي والإرهابي. وإغراءات البطالة تنتعش وتنتفش إن لم يبادر المجتمع إلى تقديم حلول أفضل، منها على سبيل المثال إقامة مؤسسات المجتمع المدني المتنوعة التي يمكن أن تستوعب هذه الطاقات المهدرة في التفحيط والسهر والشللية وقلة الخاتمة. وهذه المؤسسات تتطلب مبادرة حكومية شجاعة لتحرير إجراءات إنشائها من بيروقراطية ديناصورية لم تعد تلائم روح العصر إطلاقاً. [email protected]