بلدية بلجرشي وتاج حزنه المضيئ الحمد لله وصف نفسه العلية بالنور حين قال في تنزيله جل من قائل (الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح) وشبه جل جلاله نوره بما هو اقل منه نورا. وهو سبحانه ليس من الأضواء المدركة جل وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا وامتن سبحانه على المؤمنين بنورهم المضيئ على المنافقين كما ورد في القران الكريم حكاية عنهم (انظرونا نقتبس من نوركم) فالنور اذاً من نعم المؤمنين. ومعالم النور تستهوي الأبصار إليها ولاسيما في ظلمات الليالي الحالكات. وما يستحدث البهجة والسرور مشاهدة إكليل النور على هامة جبل حزنه الخالد الذي يربض في طرف مدينة بلجرشى ريف السروات حضارة وتقدما وعمرانا -ينظر إليها من علو شاهق- فهو إذن ليس إكليل نور فحسب بل هو معلم مدينة أو فنار مرفأ جاف تحتضنه مدينة بلجرشي في وديان سيل وما حولها. وفي ضوء النهار تبرز مدينة بلجرشي بمفاتنها الحضارية وعمرانها المتطور ونموها الحثيث المستشري فوق الروابي والسفوح حتى انه ليأخذك العجب حينما تتراءى لك بلجرشي من مطلاتها الشمالية ولكن مشروع إكليل جبل حزنه المضيئ أضاف لمدينة بلجرشي معلماً ليلياً يرنو إليه كل سارٍ بليل وسالك بطريق. وهو كذلك معلم الناظر من ربوع تهامة وسواحلها البعيدة. ولاشك أن تتويج جبل حزنه بتاج مضيئ من الإنارة الساطعة لهو جهد ليس باليسير ازاء صعوبة المرتقى ووعورة المسلك لذروة ذلك الطود الشامخ من جبال السراه إذ هو ابرز جبال السراه إن لم يكن أعلاها سموا وبروزا إضافة إلى حافة انكسارية ذات انحناءة مخيفة نحو سهل تهامة تجعل المرء يقف معقود اللسان من دهشة النظر وعظمة المكان. والنظر إلى جبل حزنه من ربوع تهامة يعطي صورة شبيهة بثلاثية الأبعاد فهو وان يتراءى من قمم السروات وذراها كطود شاهق إلا انه من سهول تهامة يخيل للرائي انه نتوء شاهق في السماء قياسا لحواف العقبات المطلة على أخدود البحر الأحمر الانكساري. بحيث لايرى موازيا له في الأفق البعيد أي جبل آخر في ماعدا جبل أثرب الذي يتخذ وضعا مجانبا لحافة الأخدود الإفريقي. وكانت العرب تستخدم ذرى الجبال الشاهقة لإيقاد النيران عليها للإعلام بالأعياد والصيام والإنذار بالأخطار وغيرها مما يستدعي جمع الاحطاب في ذروة الجبل الشاهق حتى إذا ما رأوا النار قد أوقدت في ذروة جبال الأقوام في مرمى البصر أوقدوا مشعلهم ليراه غيرهم ويجب التنويه بان جبل مشوّف بعرا يعتبر حاجز الأفق الذي لايرى من بعده من الشمال الجغرافي ولا تهتدي المواقع الجنوبية إلا بمشعله السابق ومنه ترقب جبال زهران وجبال بثرة بني مالك وهكذا في سرا الليل . ويستدل من أخبار يعلى بن مسلم الأحول الأزدي ذكره جبل حزنه وعذوبة مائه في شعره حين حبسه نافع بن علقمه الكناني والي مكة من قبل عبد الملك بن مروان وكان لصا فاتكا خليعا جمع صعاليك الازد فقطع الطريق على السابلة فشكوه إلى نافع فأخذ به عشيرته الأدنين فلم يجده فارتهن به شيوخ الازد فعرفوه بأنه خليع قد تبرأوا منه ومن جريرته فلم يقبل نافع بذلك فدسوا له العيون حتى قبضوا عليه فقيده نافع في الحبس فقال في شعره يحن إلى حزنه: أرقت لبرق دونه شدوان يمان وأهوى البرق كل يماني فبت لدى البيت الحرام أخيله ومطواي من شوق له أرقان فيا ليت لي من ماء حزنة شربة مبردة باتت على الطهمان ويا ليت حاجاتي اللواتي حبسنني لدى نافع قضين منذ زمان بوادي يماني ينبت السدر صدره وأسفله بالمرخ والشبهان وطالما ان دولتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين ملك الانسانية وولي عهده الأمين سلطان الخير والنائب الثاني رجل الأمن للعالم الإسلامي/ نايف بن عبد العزيز قد بذلوا كل غالٍ في سبيل تنمية هذا الوطن المعطاء وعهدت بذلك لأميرنا المحبوب صاحب السمو الملكي الأمير/ محمد بن سعود أمير منطقة الباحة وسمو نائبه صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور/ فيصل بن محمد بن سعود . فان السواعد التي حملت مشاعل النور في إرهاق صعودي للوصول إلى قمة حزنه السامقة لجديرة منا بالثناء والتقدير ولا شك انه لن يحمل تلك المشاعل ومستلزماتها على الأكتاف. إلا فئة الشباب المكتهل بالخبرة والتجربة من بلدية بلجرشي والمشرفين عليها وأمين منطقة الباحة مهندس التطوير والمشاريع لعموم منطقة الباحة واستعير قول الشاعر لأولئك الشباب لشكرهم حين قال: انتم لها أمل فليثمر الأمل ... هيا اعملوا للعلا إن العلا عمل إن الشباب من الفردوس نبعته ... فالعود غض الصبا والرأي مكتهل ولا نحلم نحن المتقاعدين الذين نعيش في هامش خريف الحياة إلا أن نتمنى أن يعود الشباب يوما فنصعد إلى ذروة جبل حزنه العريق.. وقد سبق لي ذات يوم من الدهر حين كنت مدرسا بثانوية بلجرشي عام 1388 ه ومديرها ورائدها التربوي آن ذاك الأستاذ عبد الله عبد الخالق الحميليس «أمده الله بالصحة والعافية» حين نظم لنا زيارة فردية لبعض المدرسين والطلاب إلى تلك القمة ومالبث يحفظه الله أن تولى مدير مكتب الإشراف ببلجرشي وهو بمثابة إدارة تعليم المحافظة فيما بعد ثم ترأس بلدية بلجرشي وأنجز خططا عمرانية وحضارية وسلم الراية عافاه الله إلى فتية مخلصين وهاهم على الدرب سائرون وينظر الناس إلى منجزاتهم من جهات شتى وأستعير قول الأعشى للمحلق الكلابي حين استضافه في طريقه إلى سوق عكاظ وقد أوقد له نارا حين قال: لعمري لقد لاحت عيون كثيرة إلى ضوء نار باليفاع تحرق تشب لمقرورين يصطليانها وبات على النار الندى والمحلق د.ناصر علي بشيه - الباحة