يأتون من أقطار الأرض البعيدة بحثا عن اللقمة الحلال والعيش الكريم ، يقصدون بلادنا دون بلاد العالم ، ويفرحون أشد الفرح حين تتحقق أمانيهم فيطئون أرض الحرمين ومملكة الإنسانية. تركوا من خلفهم ذرية ضعافا نساء وولدانا شيبة وبناتا.. الله أعلم بحالهم وما هم عليه.. أعرضوا عن الشيطان والحرام ، وعزموا الغربة والرحيل والهجرة إلى أرض ذات رزق كريم.. وفي لحظة صدمة غير متوقعة تنهار كل الأحلام وتتبدد كل الأماني ؛ تلك الفرحة التي غمرتهم لحظة دخولهم أرضنا المباركة تبدلت ألما وحزنا.. فما الذي قلب الأمور وغير الحال ؟!! إنه ظلمٌ وجشعٌ وعدوانٌ من بعض ملاك الشركات الخاصة ومن يديرونها.. قوم نكثوا العهود والعقود والمواثيق ، فأخلوا ولم يوفوا بالتزاماتهم تجاه الآخرين . فيمر الشهر ويتبعه الآخر والآخر والآخر حتى تصل عاما أو نصف عام دون أن يتسلم فيها العامل ريالا واحدا نظير عمله وجهده وكأنه قدم من بلاده ليعمل لدينا بالمجان . كيف نستطيع ضمان الحد الأدنى من الحياة الكريمة لهذا العامل ورفاقه ونحن نمنع عنه حقه ونقطع عليه رزقه ألم يرشدنا الهدي النبوي لإعطاء كل أجير أجره قبل جفاف عرقه اليوم يجف عرق العامل ودمه ويذهب عقله دون أن يرى شيئا من حقه. تصادمات مختلفة ومخيفة يعيشها هذا وذاك فالصورة التي كانت في مخيلتهم عن السعودية كانت وهماً وسراباً.. لا لم تكن كذلك بل صورة حقيقية ولكل صورة ما يقول بصحتها. يتساءلون بينهم أليست هذه البلاد مملكة الإنسانية .. أنا لا أريد عطفا ولا شفقة من أحد .. ولا أرتجي تبرعا أو صدقة من أحد .. أريد حقي فقط . يقولون قبل مجيئنا إلى السعودية كنا نتابع أخبار هذا البلد فما أن تقع كارثة في أي جهة على الأرض إلا وكانت هذه البلاد سباقة في مد يد العون وجسور الإغاثة.. والأرض كل الأرض تشهد.. فهل عجزت دوننا مملكة الإنسانية ؟ سمعة بلد تذهب في مهب الريح والسبب تجار لا يرقبون في عامل إلًّا ولا ذمة. لا تتوانى الحكومة لحظة واحدة في إيداع حقوق ورواتب الموظفين لديها من مواطنين ومقيمين في حساباتهم البنكية في الوقت المتفق عليه بين الطرفين في العقود . كما لا تتأخر الحكومة مطلقا في إيداع المستحقات المالية للشركات التي فازت بعقود تشغيلية للمرافق والمنشآت الحكومية. وبالتالي كان على هذه الشركات أن توفي بالتزاماتها المختلفة تجاه الدولة وتجاه أولئك الذين يعملون لديها بتراب الفلوس. يحدث هذا العجز في الوقت الذي لا تتجاوز فيه معظم مرتبات العمال مبلغ 300 إلى 400 ريال رغم أن العقود الرسمية تحوي أرقاما أكبر من هذه ولدي من الأوراق ما يثبت صحة كلامي وحقيقة أعلنها للجميع عل هذا المقال أن يقع تحت أنظار مسئول من العيار الثقيل فيفتح باب المساءلة والمحاسبة ويقطع دابر الإفساد والمفسدين ويسن ويشرع قوانين تخرج لدائرة الضوء تُحرّم وتُجرّم تأخير المستحقات المالية الشهرية للعمال وتنزل بكل مخالف أشد العقوبات ولا بأس أن تمنع عنهم رواتبهم فترة من الزمن وتبقيهم تحت المراقبة والأنظار عملا بمبدأ المعاملة بالمثل وحتى يشربوا من نفس الكأس الذي أشبعوا من وقع تحت رحمتهم شربا منه. أحيانا نسمع عن امتناع بعض العمال عن العمل وهو إضراب في الواقع بعد أن خذلهم الجميع فلا ناصر لهم . صدقوني ايها السادة لو امتنع العمال عن القيام بأعمالهم طيلة ثلاثة أيام فقط فستتحول أرضنا لبرميل أزرق كبير تفوح منه رائحة العفن والقاذورات وسوف لن يبقى في هذه الأرض كائن حي حتى الجراثيم والبكتيريا والذباب والبعوض كلها ستموت من شدة العفن وهي التي تعيش عليه. واما نحن فلم نجرب يوما أن نثني ظهورنا ونرمي بمخلفاتنا في الأماكن المخصصة لها أو أن نلتقط الأذى لأننا تعلمنا في المدرسة أن هذا ليس من شأننا وأن هناك من يقوم بذلك عوضا عنا!!.