أتوقع أننا لو سألنا أي إنسان مهما كان توجهه وسلوكه عن حبه لوطنه وانتمائه له ، فلن يكون إلا محبا عاشقا ، ومواليا منافحا ومدافعا ، مبديا عواطف فياضة تغمره من الحدود إلى الحدود ، ومن القاع إلى السفح ، ومن الشروق إلى الغروب ، وأتوقع أيضا أنّ مواطنا تقع حريته فريسة استعمار ينتهك أرضه ويحتل بلاده رؤاه نحو وطنه أكثر وضوحا من آخر حر على أرض حرة ، وصدق شاعر قال « لا يعرف الشوق إلا من يكابده ... ولا الصبابة إلا من يعانيها « وأكاد أجزم أنّ البعض يجهل العلاقة المتينة بين كرامة الإنسان وعلاقته مع دولته وعلاقة دولته به ، ومن علاقة الوطن بالمواطن وعلاقة المواطن بالوطن أنطلق لأعيش تفاصيل حدثين مهمين عاشتهما المملكة الحبيبة مؤخرا ، الحدث الأول مرور عام على تعيين صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز حفظه الله نائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء ، والحدث الثاني احتضان المدينةالمنورة لمؤتمر الإرهاب ، والحدثان غير منفصلين ، فصاحب السمو الملكي الأمير نايف هو من بادر الإرهاب وليدا ، ووقف في وجهة سدا منيعا في جميع أشكاله وصوره ، رفقا ولينا حين ينفع الرفق واللين ، وحزما وصرامة حين لا يكون غيرهما، أمّا الإرهاب كصناعة وحرفة فليس من صناعة أبناء الوطن البررة ، ولا من محبي هذه الأرض الطاهرة ، إنّه صناعة مستوردة من أعداء دين قبل أن يكونوا أعداء وطن ، وقد حاولت بذرة له أن تجد لها تربة خصبة لتنمو ، وماء عذبا لتترعرع غير أنّ نباتات أخرى ارتبطت بالأرض حبا وعشقا ، واستبسلت عنها دفاعا وحرصا حاربت هذه النباتات الشوكية وقضت عليها ، وأخذت على نفسها عهدا متينا وميثاقا غليظا بأن يكون كفاحا بشريا في كل عصر وفي كل قطر ، بأوراقها تحميه من حرارة الشمس ، وبجذورها من زعزعة الرياح ، وبأغصانها من تقلب الفصول . نحبه ولكن لا نحرص على نظافة شوارعه ، نحبه ولكن لا نلتزم بقوانينه التنظيمية ، نحبه لكن نتهرب من تطبيق تنظيماته الإدارية ، نحبه ولكن نسمح بإهدار ثرواته ، نحبه ولكن نفسح المجال لتعريض أمنه واستقراره للخطر ، نحبه ولكن نسمح باستغلال طاقاته ، أجل نحبه لأنّه يعيش بداخلنا ، ويشغل مساحات واسعة من قلوبنا وعقولنا ، نحبه داخل الحدود وخارجها فهو معنا حيثما اتجهنا ، إلا أنّ شيئا من الحب حقيقة وشيئا من الحب ادّعاء .