بين الخشية على الوريث.. وبين الإفراط في صرف المال بالصدقات وبغيرها، دون مراعاة للورثة وحاجاتهم.. يختلف الناس.. والاعتدال في هذا الأمر هو الواجب الأساس.. فقد ينتاب بعض الأفراد القلق على ورثتهم، رغم يقينهم بأن الذي خلقهم متكفّل بهم، والأرزاق أولاً وأخيرًا بيد الله سبحانه وتعالى.. في حين نجد آخرين لا يراعون حق الورثة في حياة كريمة، فيصرفون أكثر ما لديهم في الصدقات، وفي غيرها من حاجات. والمقياس العادل والمنصف في هذا الشأن ما دعا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم أحد الصحابة، حين رغب في أن يصرف ماله في وجوه الصدقة، فمنعه الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنعه أن يترك حتّى النصف، وقال عليه الصلاة والسلام: “الثلث، والثلث كثير”.. ثم قال: “لأن تترك ورثتك أغنياء، خير من أن يتكففوا الناس”. فديننا الحنيف يدعو في هذا الشأن إلى الوسطية.. التي فيها الخير للفرد والمجتمع، وهو يريد أن يتمتع الأبناء بورثة الآباء، وألاّ يعيشوا فقراء. إلاّ أن الأمر يختلف حين يكون الورثة من الأغنياء، فلو ترك أحدهم نصف ثروته لهم يفيض كثيرًا عن حاجاتهم، ممّا قد يؤدي إلى فتنتهم، فيدفع ذلك ولي الأمر إلى حبس نسبة ملائمة من ماله لأوجه الخير المتنوّعة، وأن يكون له بعد مماته صدقة جارية، دون أن يغفل عن ذوي الحاجة من عائلته والأقربين. ومن جانب آخر يجب التحرّي في دفع الصدقات والزكوات، وألاّ يتم صرفها كيفما اتفق، والحذر ممّن امتهنوا التسوّل.. والبحث عن المحتاجين الحقيقيين الذين (تحسبهم أغنياء من التعفف)، والذين قال عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم: “ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يُفطن به فيتصدق عليه ولا يقوم فيسأل الناس).. وهكذا أوضح الدين الإسلامي كل الأمور التي تتعلّق بالميراث وبالصدقات.. وبما يجب أن يتبعه الناس في مصارف الزكوات.. فكان دين التوسط والاعتدال الذي ينصف الجميع، ويحقق الخير للجميع. فاكس: 6980564/02 [email protected]