اشتراكية عبدالناصر أدت إلى انخفاض اقتصادي واكتئاب نفسي محطة ثالثة يعيشها الدكتور مدني علاقي بعد محطة صبيا ومكةالمكرمة ، حيث يروي لنا أجواء تلك الأيام التي قضاها في مدينة القاهرة في فترة شهدت حراكا ثقافيا وسياسيا عاليا ، في ظل بروز عهد حكومة الرئيس المصري جمال عبد الناصر ،يتذكر ابن جازان مشاعره الأولى حين كان يجلس لأول مرة مع طالبات في مقاعد دراسية واحدة ، وكيف كانت تمثل له نوعا من السعادة والفرح كشاب لم يألف هذا الوضع الجديد ، وينفي الدكتور علاقي تأثره بأي تيار سياسي أو أيديولوجي خلال دراسته على أيادي نخبة من أساتذة الاقتصاد والسياسة مما عرفوا بميولهم نحو الاتجاه اليساري أو الاشتراكي ..وأما عن اهتماماته يكشف عن ذهابه المستمر لحضور حفلات أم كلثوم ودور السينما وقاعات المسرح. ويروي الدكتور مدني علاقي كيف التحق بمؤسسة الخطوط السعودية ولكنه لم يرغب في الاستمرار فيها حيث كان يبحث عن فرصة للابتعاث لمواصلة دراساته العليا وهذا ما وجده في جامعة الملك عبدالعزيز الأهلية – آنذاك – فقرر ان يترك الخطوط ويتجه للجامعة ليحقق حلمه الذي كان يطارده منذ سنوات الدراسة. تقلب بين الكليات * بعد الانتهاء من الدراسة الثانوية في مكة.. حدثنا عن التحاقك بالجامعة؟ حينما أكملت الدراسة الثانوية القسم الأدبي تم ابتعاثي للدراسة، ولكن في تلك المرحلة الحكومة أوقفت الابتعاث على اعتبار أن جامعة الملك سعود يمكنها أن تستوعب الخريجين لأن عددهم كان قليلاً، ولكنها في الوقت نفسه قررت ابتعاث المتفوقين، وكان ترتيبي الثالث في المملكة فابتعثت للدراسة في كلية البوليس في مصر.. * هل معنى ذلك أنها دراسات أمنية؟ نعم؛ وكانت تسمى «كلية البوليس». على الرغم أن توجهي كان لدراسة المساق الأدبي، وعندما قمت بتعبئة استمارة التوجيهية كان اتجاهي لكلية الآداب، وبعد ذلك قررت الاتجاه إلى كلية الحقوق. وحينما جاءت البعثة غيرت اتجاهي لكلية التجارة. * نتوقف في تغييرك من كلية البوليس إلى الآداب ومن ثم الحقوق ثم التجارة.. ما الأسباب وراء هذا التغيير؟ كانت ميولي في البداية تاريخية وجغرافية، ووجدت أن كلية الآداب تحقق لي هذا المطلب. ثم بعد ذلك اتجه تفكيري إلى الحقوق على أساس أنني بدأت أفهم في دراسات الحقوق والقانونيين وقلت لنفسي إن هذه دراسة طيبة. ولكن العقبة كانت في أنه يتوجب علي أن أدرس في كلية البوليس أو أن أترك البعثة وأدرس على حسابي الخاص. سعي نحو التجارة * كيف تصرفت إزاء هذا الموقف؟ ذهبت إلى الملحق العسكري في القاهرة وأبلغته بعدم رغبتي في الالتحاق بكلية البوليس، ورغبتي في الدراسة الجامعية إما في الحقوق أو الآداب أو التجارة. أخبرني بأنه لا يمكن أن يتصرف لأن بعثتي على كلية البوليس، وإذا لم أكن أرغب فيها فالأمر يعود إلى الجهات التي ابتعثت منها وهي وزارة المعارف. ذهبت إلى الملحق الثقافي التعليمي وعرضت عليه أن التحق بإحدى الكليات الثلاث التي ذكرتها، فقال لي انه لا يمكن أن يتدخل إلا بأمر من الجهة المعنية. كان الاتفاق بيني وبين أخي محمد وكان وقتها نائبًا للقنصل السعودي في القدس أنه إذا لم أوفق في نقل بعثتي من «البوليس» إلى الكلية التي أرغب فيها أن أدرس على حسابه الخاص. وضعت اختياراتي في جامعة القاهرة على أساس كلية التجارة أولاً ثم الحقوق وبعدها الآداب وجاءني القبول في كلية التجارة وانتظمت في الدراسة على حساب أخي محمد يحفظه الله. * ما هو التخصص الذي التحقت به في كلية التجارة؟ كان التخصص يبدأ من السنة الثالثة في الجامعة وتخصصت إدارة الأعمال. * من تذكر من أساتذتك؟ أولاً في الكلية أذكر الدكتور علي عبدالمجيد، والدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء المصري السابق، والدكتور عبدالعزيز حجازي رئيس الوزراء الأسبق، والدكتور فؤاد الشريف، والدكتور عيسى أبو طبل، والدكتور حلمي نمر، والدكتور محمد علي شحاتة، والدكتور وهيب مسيحة، والدكتور جمال حلمي، والدكتور أحمد توفيق وكان وزيرًا أيضًا، وغيرهم كثير. دراسة صعبة * كيف وجدت الدراسة الجامعية في القاهرة؟ كانت نقلة كبيرة من مكةالمكرمة إلى القاهرة التي كان سكانها في تلك الفترة خمسة ملايين نسمة، كانت مدينة كبيرة جدًّا. حينما وصلت القاهرة زودني أخي محمد ببعض المعلومات بحكم أنه درس هناك في كلية التجارة قسم الاقتصاد والعلوم السياسية وحدثني عن القاهرة والدراسة في جامعاتها. لذلك لم أجد صعوبة.. صحيح أن العملية الدراسية كانت مختلفة والمقررات الدراسية ضخمة، كان الأستاذ ينطلق في المحاضرة دون توقف وأنت تكتب بسرعة، وأحيانًا لا تستطيع أن تكمل الكلمة. لا تستطيع أن تسأل الأستاذ أي سؤال؛ لأن المدرج به أكثر من ألف طالب، والواقفون أكثر من الجالسين في بعض الأوقات، من هذا المنطلق كانت الدراسة صعبة، وتحتاج إلى مذاكرة وجهود خاصة، بالإضافة إلى ما تبذله في المحاضرة. * متى كانت تلك الفترة؟ بداية دراستي في جامعة القاهرة كانت في أكتوبر عام 1959م وانتهت في يوليو 1964م. طامة الاشتراكية * في تلك الحقبة شهدت المنطقة العربية تيارات سياسية، وكانت القاهرة محورًا لاحتضان مثل هذه التيارات.. هل عشت الأجواء السياسية والحراك الفكري في القاهرة ؟ في السنة الثانية لوجودي في القاهرة بدأت الحركة الاشتراكية وقوانين التأميم التي بدأها جمال عبدالناصر - رحمه الله-، تغير أسلوب الحياة وبعض هذا التغير كان إيجابيًّا وبعضه سلبيًّا. التغيير كان في صالحنا من ناحية انخفاض الأسعار وإيجارات المنازل، كانت الشقة التي أستأجرها بقيمة 15 جنيها وانخفضت أجرتها إلى 9 جنيهات وكان ذلك يعتبر إيجابيًّا لي ولكل السكان المستأجرين؛ ولكنها كانت طامة وسلبية للمالكين. بعد أن انخفضت الأسعار انعدمت بعض المستلزمات الاستهلاكية من الأسواق، الصناعة تراجعت وكذلك التجارة في ظل القوانين الاشتراكية، لكن التعبئة الإعلامية أظهرت الاشتراكية كأنها جنة الله في الأرض، وأن الشعب سيعيش مرفّهًا ومنعّمًا ولكن حيثما كانت الاشتراكية كان التراجع الاقتصادي والاكتئاب النفسي والانتكاسة الحضارية والعلمية. خوف عام * ألم تكن هناك انعكاسات للفكر الاشتراكي في الجامعة؟ كانت موجودة بالتأكيد، الجامعة كانت عبارة عن خلية من الجمعيات الاقتصادية والعلمية والسياسية وكانت هناك انعكاسات، لم يكن أحد يجرؤ على الاعتراض على سياسة الدولة في ذلك الوقت. حتى الأستاذ لم يكن يجرؤ وتغيرت طبيعة الجامعة العلمية البحتة إلى المدح وتأييد النموذج الاشتراكي والاقتصاد الاشتراكي والعلوم الاشتراكية واهتمام الاشتراكية بالإنسان ومعيشته، هذه كلها انعكست على الاقتصاد والتجارة والصناعة وكافة مناحي الحياة. اشتراكية المقررات * هل كان مقررًا عليكم نظريات أو كتب اشتراكية مثل كتاب رأس المال؟ لم أدرس هذا الكتاب الذي ألفه كارل ماركس، لكن كانت هناك بعض الكتب التي تتعرض للمفاهيم الاقتصادية مثل الاقتصادية الرأسمالية والشيوعية والنظريات الأخرى المختلفة، لكن هناك دعم لتدريس كل ما يتعلق بالاشتراكية سواء في كتب الاقتصاد أو الإدارة، حتى في كتب الاجتماع وعلوم النفس، بمعنى أنه لا بد أن يكون هناك شيء يمجد الاشتراكية. حصانة فكرية ودينية * ألم يأخذ الحماس بعض الطلاب السعوديين ليتعلق بالاشتراكية؟ أنا وزملائي السعوديين الذين كنا ندرس في كلية التجارة وهي الكلية الأولى المعرضة للتأثر بالفكر الاشتراكي بوصفها مختصة بالاقتصاد ورأس المال والتجارة الحمد لله خرجنا بأفكارنا التي دخلنا بها الجامعة تجاه الاقتصاد وديننا الإسلامي الحنيف ولم نتأثر بالأجواء ولله الحمد ومارسنا حياتنا الطبيعية. صحيح أنه كان هناك إعجاب سياسي بعبدالناصر في ذلك الوقت، ليس لتبنيه الأفكار الاشتراكية، ولكن لكونه وقف ضد إسرائيل وضد الاستعمار بصورة حازمة ووقف ضد الدول الغربية التي كانت تستعمر الدول العربية والإسلامية، من هنا كان إعجابنا بهذا الرجل؛ ولكن والحمد لله لم يكن هناك إعجاب باشتراكيته، ولم يكن هناك تأثر سواء على مستوى الدراسة أو ما بعدها. وحينما ذهبت للدراسات العليا بالولايات المتحدةالأمريكية تأكد لي أن الفكر الاشتراكي هو نكبة ابتليت بها بعض الشعوب العربية والإفريقية المتحررة من الاستعمار الغربي. زملاء في الغربة * من تذكر من زملائك المبتعثين؟ أذكر في كلية التجارة الأستاذ محمد علي أشموني، والأستاذ سامي علاء الدين، والأستاذ إبراهيم عالم، والأستاذ محمد حبابي – يرحمه الله-، والأستاذ عبدالمجيد طيب، والدكتور محيي الدين درويش كيال، والدكتور غازي مدني، والدكتور حسن أبو ركبة -رحمه الله-، والأستاذ محمد محضر، والأستاذ عبدالعزيز المقرن، والأستاذ عبدالعزيز التركي وكيل وزارة البترول سابقًا. هؤلاء زملائي وبعضهم كان في كلية التجارة قسم إدارة الأعمال وبعضهم في قسم المحاسبة. * ومن هم زملاؤك في الابتعاث من خارج الكلية؟ الدكتور ناصر السلوم في كلية الهندسة، والدكتور عبدالوهاب عطار وزير التخطيط السابق، والدكتور فايز بدر وزير الدولة السابق، والدكتور يحيى مكي وكان أمينًا عامًا لجامعة الملك فيصل، والدكتور محمد سعيد القحطاني مدير جامعة الملك فيصل سابقًا، والدكتور درويش جستنية، والمهندس أحمد شوقي آشي في كلية الفنون الجميلة، والدكتور عباس طاشكندي في كلية الآداب، وغيرهم كثيرون. متعة وراحة * كانت تلك أول مرة تدرسون مع طالبات.. كيف تقبلتم الأمر في البداية لأول مرة؟ تقبلناه بروح رياضية وكنا بالطبع شبابا صغارا في سن الثامنة عشرة فما فوق، دراستنا مع طالبات في مدرج واحد كانت تمثّل نوعًا من المتعة، كان هناك احترام وأدب. بطبيعة الحال في بلادنا لا يرى الواحد غير أمه وأخته ، لكن أن ترى فتيات أخريات كان فيه نوع من المتعة والراحة. انفتاح كبير * ألم تحاول الارتباط بزميلة في علاقة حب أو زواج؟ لم يحدث، وأكاد أجزم أن تفكير كل الطلاب السعوديين في ذلك الوقت ألا يرتبطوا بمن هن من خارج وطنهم، الانفتاح في مصر وغيرها من الدول العربية في ذلك الوقت كان كبيرًا بالنسبة لثقافتنا المحلية في المملكة، بالتالي لم يكن أحد يطمح في الاقتران بمن هن من خارج بلادنا والدليل على ذلك أن كل من كانوا معي بمصر في ذلك الوقت تزوجوا من داخل هذه البلاد. ولكن هذا لا يمنع بأن نعجب ببعض الزميلات خلال سنوات الدراسة. موقف محرج * هل تذكر مواقف لا زالت راسخة في الذاكرة خلال هذه السنوات؟ لم أتعرض إلا إلى موقف واحد، كنت أريد أن أدخل المدرج ولم تنته المحاضرة، وفجأة ظهر أحد الأساتذة المشهورين بالقسوة والشدة على الطلاب، وكنت مع مجموعة من الطلاب ننتظر خروج الطلاب للدخول، فجأة ظهر هذا الأستاذ وبدأ يدفع الطلاب للخروج من الباب، وكان من نصيبي أن دفعني حتى تعثرت ووقعت وهرب زملائي بعد أن استغرقوا في الضحك. اهتمام فني واسع * هل دخلت دور السينما؟ بكثرة، في إجازة آخر الأسبوع ليلة الجمعة لا يخلو الأمر من الخروج للعشاء والسينما أو دخول المسرح أو حفلة لأم كلثوم أو حفلات أضواء المدينة أو مسرحيات إسماعيل ياسين، لقد كانت القاهرة في ذلك الوقت تعج بالنشاط الفني. * حضرت حفلات غنائية لأم كلثوم؟ نعم. وكانت شوارع القاهرة تخلو من السيارات والمارة ليلة حفل أم كلثوم. فالكل في منازلهم أمام الراديو يسمعون أم كلثوم بشوق ولهف. * هل تذكر أعمالا فنية حضرتها؟ حضرت مسرحيات كثيرة لإسماعيل ياسين، ومسرحيات لفؤاد المهندس، ومسرحيات للهنيدي، وحفلات أضواء المدينة، وحفلات كان يحضرها جمال عبدالناصر، كانت الجامعة في ذلك الوقت بها حفلات اجتماعية كثيرة في نهاية العام الدراسي. حضرت بدايات عادل إمام، وسمير غانم، وجورج سيدهم حينما كانوا في بداياتهم، وكانوا يحضرون الحفلات المختلفة بالجامعة كطلاب وممثلين صغار. النشاط الفني كان له نصيب من حياتنا في ذلك الوقت. وظائف متوفرة * بعد أن انتهيت من الجامعة وعدت إلى أرض الوطن، إلى أين ذهبت، هل إلى جامعة الرياض؟ رجعت إلى جدة؛ ولم يكن في ذهني شيء محدد بالنسبة للوظيفة، في ذلك الوقت لم يكن هناك اهتمام بالوظيفة لأنها كانت متوفرة، عرضت عليّ وظائف كثيرة منها وظيفة بوزارة المالية في الرياض، وبنك الرياض في جدة، والمؤسسة العامة للخطوط الجوية السعودية. الوظيفة المدللة * هل كان هذا في العام 1965م؟ بل في شهر أغسطس من عام 1964م بعد أن انتهيت من البكالوريوس، عرضت عليّ وظيفة وبعثة في الخطوط السعودية، وهذا كان منتهى الدلال بالنسبة لطالب متخرج حديثًا من الجامعة، في تلك الفترة كان يرأس مجلس الخطوط السعودية الشيخ أحمد محمد صلاح جمجوم وأراد أن يدخل بالمؤسسة في مرحلة تطوير شامل، فقرر تعيين مجموعة من الجامعيين، وكانوا قلائل ليبتعثهم إلى بريطانيا لدراسة إدارة شؤون الطيران، وقد تعيّن فعلاً في تلك الفترة حوالى 20 خريجًا سعوديًّا من جامعة الملك سعود وغيرها من الجامعات العربية الأخرى، كنت من جامعة القاهرة ومعي أيضًا من زملائي من نفس الدفعة الأستاذان محمد علي أشموني وسامي علاء الدين. تم تعيننا في الخطوط السعودية، وكان الجامعي يتعين في أي إدارة حكومية بمرتب 950 ريالاً وكان مبلغًا كبيرًا في ذلك الوقت، تم تعييننا في الخطوط السعودية بمرتب 1300 ريال شهريًا ثم ابتعثنا بعد أسبوع من التعيين إلى بريطانيا لدراسة اللغة الإنجليزية ومن ثم الإدارة. عدنا بعد ستة أشهر للعمل في الخطوط السعودية وكان ذلك في بداية موسم الحج وارتأت إدارة الخطوط السعودية بما أننا أصبحنا شبه خبراء في الإدارة أن توزعنا على مطارات المملكة للاستفادة منا في فترة الحج. كان من نصيبي مطار جدة وبعض الزملاء ذهبوا إلى المدينة والطائف والظهران، كان العمل هو ترحيل الركاب من الحجاج والمواطنين. * ما طبيعة العمل آنذاك؟ نقوم بالعمل على الكاونترات ونقوم بقطع التذاكر وعمل الحجوزات، وحل بعض الإشكالات، كان العمل على مدار 24 ساعة لأنه موسم الحج. * هل كان العمل على نفس الهيكل الحالي أم كانت هناك مسميات أخرى؟ لا أذكر؛ لكن كان علينا مشرفون إداريون، كنا نعمل لمدة ست ساعات متواصلة بطريقة الدوريات، بعد انتهاء موسم الحج انتقلنا إلى الإدارة العامة وتم توزيعنا على الإدارات المختلفة كإدارة الشؤون التجارية والقانونية وشؤون الموظفين، عينت للعمل في شؤون الموظفين للعمل تحت إدارة الأستاذ محمد المنصوري - رحمه الله-، وكان مديرًا عامًا لشؤون الموظفين. عملت في المؤسسة ما بين فترة الابتعاث إلى بريطانيا والعمل الإداري مدة عام ونصف ثم كان هناك مشوار آخر وهو البحث عن الدراسات العليا. مواصلة الدراسة * لمَ تركت الخطوط السعودية؟ لم أتركها فجأة؛ ولكن حاولت أن أحصل على بعثة لمواصلة دراساتي العليا، وللأسف قيل لي إنه ليس في خطة الخطوط بعثات لدراسات عليا وإنما هناك بعثات فنية لدراسات معينة لمدة ستة أشهر أو سنة، لكن دراسات عليا في الماجستير أو الدكتوراة فليس في نيتهم. في تلك الفترة بدأت فكرة جامعة الملك عبدالعزيز الأهلية، ووجدت الدعم والتأييد من جلالة الملك فيصل -رحمه الله- وتكونت الهيئة التأسيسية للجامعة والهيئة التنفيذية وبدأت الجامعة تستقطب خريجي الجامعات في تخصصات مختلفة مثل العلوم الاقتصادية والإدارية والأدبية على اعتبار أن تكون أولى الكليات كلية الاقتصاد والإدارة وكلية الآداب والعلوم الإنسانية. * متى كان ذلك؟ في عام 1386ه (1966م) . * هل تعتبر من مؤسسي الكلية؟ ليس بهذا المعنى إنما كنت من مبتعثي الكلية الأوائل، ومن أوائل الملتحقين بها في سلك التدريس بعد الحصول على شهادة الدكتوراة. * دخلت وأنت تحمل بكالوريوس وكان من المفترض أن تكون معيدًا؟ لم تكن الدراسة قد بدأت في ذلك الوقت وبدأت بعد ابتعاثنا بسنتين.