قلت ذات مرة في هذا المكان: إن الاقتصاد سيظل في غياب المرأة فاقداً لشقه الآخر، ووحيداً في متاهة العولمة وانفتاح الأسواق على مصاريعها، فهي نصف المجتمع وصنوهُ الآخر وبغيابها أو تغييبها إما بسبب عدم تفعيلنا للتشريعات والأنظمة التي سنت لتنشيطها، أو ربما بسبب قدمها أو تقاعسنا في سن الجديد الذي يتماشى مع المتغيرات، وينسجم مع تطلعاتنا وعزم قائد مسيرتنا الاقتصادية والتنموية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله، فإن ذلك يجعلنا بنصف جناح وإن حلقنا، ونصف الطاقة في سباق المسافات الطويلة والقصيرة. إن فهمنا لدور المرأة ينبغي أن يتغير، بل يجب أن نعيد النظر فيه ألف مرة، فهي صانعة الحياة في مضمونها الأشمل والأعمق لوجودها إلى جانب الرجل ضمن إطارها الشرعي مهندسة وعاملة، طبيبة ومزارعة، معلمة وسيدة أعمال، وبما لديها من طاقات هائلةٍ، وقدرة لارتياد آفاق أبداعية وعملية جديدة، إن نحن تحررنا من كلاسيكية النظرة التي تراها عورة في كل شيء، لدرجة أننا وقفنا ضد كسر الأبواب، وحيَّدنا رجال الإطفاء والمنقذين، فحصرناها وحاصرناها حتى الاحتراق والتفحم لأنها عورة، فسترناها ببوذية النار! أليس ذلك ما جرى في عصرنا الحديث هذا وليس في سالف الأوان؟ نعم.. إن الاقتصاد سيظل نصفاً هكذا حتى إشعار آخر، والشاهد على ذلك ما كشفت عنه دراسة حديثة عن مشهد الاستثمارات النسائية، حيث بدت سيدة الأعمال السعودية فيه ممسكة بذمام استثمارات تقدر ب 100 مليار ريال خارج وطننا، وأن أكثر من نصف هذا الرقم (60 مليار) يتم استثماره على مرمى حجر منا في دبي، نصف تركناه أو تجاهلناه فذهب يبحث عن نصف يكمله في دبي..! أليس في الأمر مدعاةٌ للدهشة، وفضاء واسع لكواكب ومدارات من الأسئلة؟ خاصة وأن المرآة آخر الكائنات ميولاً للهجرة وهي من أكثر الطيور التصاقاً بالأرض لدرجة أنها بلا أجنحة، فكيف طارت أسرابها إلى هناك.. وهناك؟.،في ظل سعينا الحثيث لاستقطاب رؤوس الأموال والاستثمارات من الخارج وتقديم التسهيلات والحوافز لأجل ذلك، أليس حرياً بنا ونحن نفعل ذلك أن تكون من أولوياتنا استمالة نصفنا الآخر للعودة إلى البيت؟. نافذة: العورة خلل في التفكير ورؤية مسروقة.