قال الضَمِير المُتَكَلِّم: يواصل المواطن المهزوم سَرد حكاياته على أبنائه وأحفاده؛ فيقول في مطلع حلقة اليوم: يا أبنائي الأعزاء من أكبر هزائمنا نحن المواطنين البسطاء على تراب وطننا الحبيب الهزيمة القاسية مع معاشات التقاعد؛ وحتى لا تملوا مني إليكم مشاهد يرويها صديقي أبو محمود حيث يقول: تقاعدت بعد خدمة وإخلاص في عملي لمدة تجاوزت ثلاثين عَاماً؛ كان يخصم فيها 10% تقريباً من راتبي، ثم كانت مكافأتي بعض الريالات التي أنتظرها منتصف كل شهر، فأجدها تبادر برفع راية الاستسلام؛ فهي عاجزة عن إطعام الأطفال فضلاً عن إيجار البيت ورسوم الخدمات! يضيف صديقي: في أحد الأيام استيقظت صباحاً ألملم أشلاء العمر المسكون بهموم الديون الحاضرة، والخوف من المستقبل المظلم المجهول، ذهبت بأولادي إلى المدرسة بسيارتي العجوز الشمطاء (وانيت غمارة «دِدْسِن»)، وفي الطريق أوقفني رجل المرور فبعض أبنائي يركب في صندوقها وهذا ممنوع، رجوته يا بُني ماذا أفعل؟ لا أملك قيمة (البورش أو الرزرايز)؛ فتجاوز عني مع الوعد أن أربطهم مستقبلاً في الصندوق كما تُرْبَط البهائم !! ويقول أبو محمود: حاولت أن أضيف لتقاعدي بعض الريالات؛ فاشتريت (بَطّيخ «حَبحَب»)، وعرضته للبيع على رصيف إحدى الطرقات؛ فكانت نهايتي أنا و (دِدْسِنِي) الحَجْز في حَوش إحدى البلديات!! خرجت من البلدية وحاولت أن أنقل بعض الركاب، وبعد جولة بسيطة جاءت الهزيمة بالضربة القاضية؛ فما فعلته مخالفة مرورية تستوجب الغرامة؛ فعدت أدراجي، أُجَرْجِر قدمي وفي يدي قسيمة مرورية!! يا أولادي عجيب أمر أنظمة وطني فمن يصنعها ويضعها يعيش في أبراج عاجية، ولا تهمه مصلحة المواطن الغَلبان! يا أحبابي هل المسؤولون غائبون عن أحوال المتقاعدين؟ ألا يعيشون معنا؟! ألا يدركون ارتفاع الأسعار؟ هل ألفان أو ثلاثة أو حتى أربعة تكفي في هذا الزمن؟! ماذا يفعل المتقاعدون؟ هل يسرقون؟! هل يموتون مع أسرهم؟ لماذا لا يجرب وزير المالية ومسؤولو مصلحة التقاعد وأعضاء مجلس الشورى أن يعيشوا لمدة شهر واحد بتقاعد المواطن البسيط حتى يدركوا معاناتهم!! يا أبنائي أحبوا وطنكم، وادعو الله أن تموتوا قبل أن تتقاعدوا!! أولادي الأعزاء شكرا، لا تذهبوا بعيداً وانتظروني غداً. ألقاكم بخير والضمائر متكلمة. فاكس: 048427595 [email protected]