اقترح كاتب بريطاني عودة اللاجئين الفلسطينيين من مخيماتهم في سوريا ولبنان إلى داخل إسرائيل مقابل المستوطنين الاسرائيليين في الأراضي الفلسطينية. مشيرا إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات يساوي تقريباً عدد الإسرائيليين في المستوطنات بالأراضي الفلسطينيةالمحتلة، بناء على ما ذكره مسئولو وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية من أن حوالى (177) ألف مستوطن إسرائيلي في القدسالشرقية و(187) الف مستوطن في الضفة الغربية، فيما تقول وكالة الاممالمتحدة لشئون اللاجئين إن هناك حوالى (224) ألف لاجئ فلسطيني في المخيمات في لبنان و(128) الف لاجئ فلسطيني في المخيمات بسوريا. وقضية المستوطنين مصدر قديم للتوتر بين أمريكا وإسرائيل، وظهرت هذه القضية مجددا للرئيس الأمريكي باراك أوباما كعقبة كبيرة في طريق أهدافه الرامية لحل الخلافات الإسرائيلية الفلسطينية عبر مفاوضات هادفة. وقال يوجين روجان في مقاله في صحيفة "فاينانشيال تايمز" انه لو تصورنا أنه سيسمح للمستوطنين بأن يظلوا كمواطنين إسرائيليين في أراضي الدولة الفلسطينية بعد التوقيع على اتفاقية السلام مقابل عدد مماثل من اللاجئيين الفلسطينيين في المخيمات بحيث يسمح لهم بالعودة إلى أراضيهم داخل إسرائيل آخذين في الاعتبار أن الفلسطينيين الذين يسمح لهم بحق العودة هذا سيظلون يتمتعون بجنسياتهم الفلسطينية وسيعيشون في إسرائيل ويحترمون القانون الإسرائيلي، بالمقابل يجب على المستوطنين احترام القانون الفلسطيني، فهنالك الآلاف من الفلسطينيين ممن يتوقون للعودة إلى اراضيهم داخل إسرائيل وهؤلاء الفلسطينيون العائدون سيحققون توازناً لوجود المستوطنين بالاراضي الفلسطينية بدلاً من الاخلال بالتوازن الديموغرافي الهش داخل إسرائيل. المستوطنات يمكنها أن تكون عائقاً رئيسياً للسلام أو يمكنها أن تقدم حلاً لمسألة اللاجئين الفلسطينيين أحد أهم الجوانب المستعصية في المشكلة الفلسطينية الإسرائيلية وأخيراً فإن تقديم تبادل على أساس عودة لاجئ عن كل مستوطن يظل بالضفة الغربية سيضع ثمناً حقيقياً للتوسع في بناء هذه المستوطنات. ويجب ألا نعتقد أن اسرائيل تقدم على البناء في الضفة الغربية بفعل الضرورة فهي تقوم بذلك باختيارها ليس إلا، وطالما أن إسرائيل اختارت أن تبني في الاراضي المحتلة فيجب أن تكون واقعية فيما يتعلق بمستقبل التكامل المتنامي بين الفلسطينيين والإسرائيليين في حال توقيع اتفاقية السلام .وإذا لم تكن إسرائيل راغبة في مثل ذلك المستقبل الموعود فعليها إذن إيقاف بناء المستوطنات. وفي حقيقة الأمر فإن السكان في كل من الأراضي الإسرائيلية والفلسطينية مختلطون بدرجة كبيرة هنالك (1,2) مليون فلسطيني يحملون الجنسية الإسرائيلية وهؤلاء يقاربون نسبة ال20% من مجمل سكان إسرائيل، فيما أن هنالك حوالى ( 400) الف إسرائيلي يعيشون في المستوطنات في القدسالشرقية وفي الضفة الغربية وعندما يتوصل الإسرائيليون والسلطة الفلسطينية إلى اتفاق لمباشرة عمليات السلام فليس هناك من سبب لتوقع أن ينعكس هذا الوضع. فالسلام يجب ان يقوم بتسريع التبادل بين الناس والبضائع في المنطقة. ولا يجب أن يتم تطبيق السلام على أساس طرد الإسرائيليين والفلسطينيين كل من منطقة الآخر. لقد قام تاريخ فلسطين وإسرائيل على التهجير والنزوح القسري في الماضي، فقد عمق نفي الفلسطينيين في عامي 1948 و1967م من أزمة اللجوء وخلف أكثر من ستين عاماً من مآسي النكبة أما إزالة المستوطنات في سيناء عام 1982م وفي قطاع غزة عام 2005م فتسبب في جراح عميقة للإسرائيليين أيضاً وكل ذلك سيكون ضئيلاً بالمقارنة لما سيحدث لدى أي محاولة لإخلاء المستوطنات في القدسالشرقية والضفة الغربية. لقد اختار العديد من الإسرائيليين العيش في الضفة الغربية لأسباب دينية وايديولوجية وبرغم انهم لا يحظون بدعم واسع من الرأي العام الإسرائيلي إلا أن لديهم لوبيًا قويا يدعمهم فالعديد من الأحزاب في حكومة التحالف بقيادة نتنياهو ملتزمة بالمحافظة على المستوطنات وأي محاولة للضغط على إسرائيل للتخلي عن المستوطنات كمقدمة للشروع في عملية السلام يبدو أنها ستمنى بالفشل. * الكاتب هو مدير مركز الشرق الاوسط بكلية سانت انطونيو بجامعة أوكسفورد ومؤلف كتاب (العرب: التاريخ)