قد لا أتفق مع الهيكل المطور الذي أعدته أمانة محافظة جدة، والذي أضاف إلى الهيكل المعتمد من الوزارة 12 إدارة جديدة بموظفيها الذين تجاوزت رواتب بعضهم رواتب الأمين نفسه (المدينة 6 مارس). لكني في الوقت نفسه لا أتفق مع النمطية السائدة التي تحاول إثبات أن أمانات المحافظات متماثلة في الصغيرة والكبيرة، ومن ثم فالهيكل الذي يناسب الرياض هو نفسه الذي يناسب المدينةالمنورة، والذي يصلح لجازان صالح لجدة. هذه هي الإدارة التقليدية القديمة التي تحاول تطويع الواقع لمدرستها، بدلاً من توسيع مداركها وتطوير نهجها لاستيعاب الواقع. ليس سراً نووياً عظيماً إدراك أن مشكلات محافظة جدة تتقاطع مع مشكلات محافظات أخرى، لكنها حتماً لا تتطابق معها في الصغيرة والكبيرة. ولمحافظة جدة خصوصية بائسة تجعل من عملية إدارة أمانتها مهمة صعبة (وربما مستحيلة) إذا أريد لها النجاح بامتياز. يكفي أن نسأل أنفسنا بضعة أسئلة لنقرر بعدها مدى اختلاف محافظة جدة عن غيرها من شاكلة: •هل في غير جدة هذا العدد الهائل من العشوائيات، وما تمثله من مشكلات أمنية واقتصادية واجتماعية وغيرها؟ •وهل لغير جدة (باستثناء الرياض) هذه المساحة الجغرافية الهائلة الممتدة من رابغ شمالاً إلى الليث جنوباً. •وهل في غير جدة ينمو البعوض الحامل لحمى الضنك المميتة أحياناً؟ •وهل في غير جدة (باستثناء الرياض) هذا العدد الهائل من السكان الذين يضغطون على مرافقها وبناها التحتية ليل نهار؟ •وهل في غير جدة هذا الخليط العجيب من الثقافات والأجناس والعادات والتقاليد؟ •وهل في غير جدة تُمارس تلك الكميات الهائلة من الضغوطات والوساطات والتدخلات؟ •وهل تواجه غير أمانة جدة ذلك الحجم الكبير من الانتقادات والملاحظات والكتابات المنشورة في الصحف الرسمية والمواقع الإلكترونية وغيرها؟ •وأخيراً هل غير جدة تستقبل سيلاً مدمراً كالذي استقبلته يوم التروية من العام المنصرم؟ كل هذه التساؤلات وغيرها تدعونا للدعاء بالتوفيق لأمانة محافظة جدة ولمعالي أمينها بعد عودتها إلى الهيكل الإداري النمطي القديم!! ولا تلوموها إذا زاد التقصير تقصيراً، والتأخير تأخيراً! [email protected]