تلوح في الأفق، بوادر تغيير يتوقع حدوثه على الساحة السياسية، وهو ما ينذر بحدوث خلل في توازن مختلف القوى الرئيسية ممكن أن يشمل أيضًا الحيز الفعلي الذي تشغله تلك القوى التي ستتأثر سلبًا في التغيير القادم، في ظل توقعات بتفكك بعض الكتل السياسية الرئيسية والتي حققت نتائج ايجابية في الانتخابات الاخيرة. بوادر هذا التغيير الذي بدأت خيوطه الاولى تتكشف للقاصي والداني في العراق، تؤكدها تصريحات الساسة على اختلاف توجهاتهم المستقبلية وانتماءاتهم الحزبية التي يطلقونها بشكل مكثف هذه الأيام، تزامنًا مع تحركات لمختلف القوى تهدف من خلالها لتكوين تحالفات مستقبلية تمكنها من تشكيل الحكومة القادمة قبل منافسيها. آخر تلك التصريحات، تلك التي كشف فيها سياسي مقرب من زعيم “ائتلاف دولة القانون” بزعامة رئيس الحكومة الحالية نوري المالكي، عن وجود مباحثات وصفها ب “الجدية” مع أحد الأطراف الرئيسية ضمن التحالف الانتخابي الذي يقوده رئيس الوزراء الاسبق أياد علاوي، للانضمام إلى الائتلاف الذي يرأسه المالكي من أجل تشكيل الحكومة الجديدة. وقال النائب حيدر العبادي القيادي في حزب الدعوة الاسلامي، في تصريحات متلفزة، ان “محادثات جدية وحثيثة تجرى مع أحد الأحزاب الرئيسة (لم يسمها) التي تتشكل منها القائمة العراقية، بهدف الانضمام إلى ائتلاف دولة القانون من أجل تشكيل الحكومة الجديدة”. وأوضح العبادي، بان الائتلاف الانتخابي الذي يقوده المالكي سيعهد اليه تشكيل الحكومة المقبلة وفقًا لنتائج الانتخابات شبه النهائية التي تظهر أن ائتلاف دولة القانون ما زال متصدرًا من حيث عدد المقاعد وبالتالي هو الذي سيشكل الحكومة. ويأتي تصريح العبادي منافيا لتوقعات قائمة «العراقية» التي تؤكد تفوقها في الانتخابات وتتوقع أن يعهد إليها تشكيل الحكومة الجديدة، بالاتفاق مع عدد من الكتل السياسية أقربها قائمة «الائتلاف الوطني العراقي» الحليف السابق للمالكي. وتضع النتائج الجزئية التي اعلنتها مفوضية الانتخابات حتى الآن كلاً من زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي وزعيم ائتلاف العراقية اياد علاوي في مواجهة متكافئة على مستوى الارقام العامة، لكنها تختلف بحسب المعطيات في كل دائرة انتخابية. وتأتي تصريحات العبادي متناغمة مع تصريحات مماثلة اطلقها رئيس ديوان إقليم كردستان فؤاد حسين، التي أكد فيها تمسك القيادات الكردية بالتحالف الرباعي الموقع بين الحزبين الكرديين الرئيسين «الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني و «الوطني الكردستاني» بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني، مع «حزب الدعوة» بزعامة المالكي، و«المجلس الإسلامي الأعلى» بزعامة عمار الحيكم، على الرغم من انتهاء الأسباب الموجبة لعقده. وعلى الرغم من عدم وضوح صورة التحالفات السياسية بشكلها النهائي المراد منها تشكيل الحكومة المقبلة، الا ان السجال السياسي حول هذه التحالفات وطريقة تشكيلها لا يزال مستمرًا، مع ان الانتخابات التشريعية الاخيرة أفرزت (4) كتل سياسية رئيسية يتوقع ان تشكل ثلاثة منها الحكومة المقبلة.