السيرة الذاتية للفنان نهار مطر مرزوق حافلة بالعديد من المشاركات والجوائز وشهادات التقدير.. ومن يرى أعماله التشكيلية ويتأمّلها جيدًا يدرك تمام الإدراك أنه بالفعل يستحق ليس هذا فقط وإنما أكثر من ذلك بكثير.. فهو فنان إنسان يمتلك ويعي ويفهم جيدًا كل مقومات العملية الإبداعية ويمتلك أدواتها وتقنياتها وأساليبها. لقد جمع الفنان في أعماله بين هارمونية اللون وإيقاعية الخط وتوالد الأشكال من خلال حركية الخط في حس تعبيري جمالي سرعان ما يتخلل وجدان ومشاعر المتلقي الجيد والمتأمل الواعي ذو الرؤية البصيرية. لقد تشرّب الفنان روح الدين الإسلامي الحنيف فخرجت أعماله وكأنّها شحنات روحانية انعكست على مسطحات أعماله فأكسبتها تميّزًا جماليًّا وطاقات إبداعيّة روحانيّة، حيث ظهر البيت الحرام في تجلّيات تشكيلية وحالة من التعبّد الروحاني، فكانت علاقاته القوسيّة التي تضمنتها تجربته الجمالية والتي ترمز للحرمين المكّي والمدني.. حالة إبداعية متفردة نابعة من روح إنسان فنان وبصيرة متأمل يتخلله روح الدين.. إنها حالة إبداعية روحانية متأججة.. إن أعماله بمثابة تعبير ديني وتسبيح، فهي تصوّر حالة التعبّد التي عليها الفنان.. إنها بحق تجربة إبداعية مميزة تضمنت قيمًا جمالية وفنية وروحانية في قوالب تشكيلية تتسم بالحس التجريدي والخفة والهارمونية. والمتأمّل المدقق في رؤية أعمال نهار مرزوق يرى بعينه المجردة القيم الجمالية ويستشرف ببصيرته القيم الروحية، والفنان المتأمل يستشرف من بين ضربات فرشاته أسلوبًا جماليًّا، وتقنيات عالية القيمة. كما تتميز أعماله بالشفافية التي تتوافق وطبيعة موضوعاته.. حيث استلهم تكويناته بنفس صافية وروح متيقظة وبصيرة متفتحة وعين متأملة فاحصة ومدققة، وتقنيات مميزة وأسلوب خاص متفرد. لقد حقّق اهتزازية وتوتر في الأسطح مما نتج عنها انبعاج للشكل داخل أرضية العمل.. تذكرنا في بعض الأحيان بأعمال التشكيلي فيكتور فازاريللي القائمة على الخداع البصري. لقد استخدم الفنان في تلوين تكويناته مجموعات لونية متكاملة ليحقق حالة من الترابط والانسجام، كما حقق تعادلية في العمل بين نسب الفاتح والقاتم لنفس المجموعات اللونية المستخدمة في العمل الفني الواحد، فتارة يكون الشكل في الفاتح والأرضية في القاتم وتارة أخرى نرى العكس. ومما سبق يمكن الوقوف على بعض الجوانب الهامة والمتميزة في إبداعات نهار مرزوق التشكيلية والتي تتحدد في: * التأكيد على الجانب الديني.. من خلال مفردات أعماله. * تحقيق جانب عالٍ من الهارمونية والتكاملية اللونية. * تحقيق التوازن بين فواتح الألوان وقواتمها داخل العمل الفني الواحد. * تحقيق الشفافية اللونية.. حيث ظهرت الألوان وكأنها قطعة من القماش المنسدل على الأشكال، حيث نلحظ من تحتها درج سلم أو هيئات مسطحة أو مجسمة. * تحقيق حالة من الإيقاعية الخطية النابضة. * تنوع مفردات أعماله، فعلى الرغم من سيادة الأشكال القوسية المستلهمة من العمارة الإسلامية عامة والحرمين على وجه الخصوص إلا أننا نلحظ في البعض الآخر من أعماله عناصر أخرى تفصح عن مضامين مختلفة.. ولكن يبقى هناك رابطًا بين أعماله وهذا الرابط يتحدد في الإيقاعية الخطية ووحدة الأسلوبية اللونية. * تحقيق حالة من النورانية النابعة من عمق الفلسفة الإسلامية المستشرفة من قوله سبحانه وتعالى (نور على نور)،.. (الله نور السموات والأرض..)، ولقد جعل من هذا الرمز النوراني الجمالي بأعماله الفنية مسارات لرؤية العمل، مما يرسم ويحدد ويحرك عين المشاهد وفق فلسفة العمل وأولويات الرؤية. * تحقيق الإحساس بالتجسيم الإيهامي، فبرغم إبداعه على أرضيات مسطحة إلا أنه حقق حالة من التجسيم الإيهامي من خلال توظيفاته اللونية المتميزة. * المتأمل في التشكيلات الخطية الإيقاعية التي تشكلت منها أعمال الفنان نهار مرزوق يلاحظ أنها تطور طبيعي لتشكيلات الخط العربي التي كانت المرحلة السابقة لتلك التجربة الإبداعية المتميزة.