رغم أن تقنية «البلاك بيري» صممت لخدمة رجال الأعمال، إلا أن الشباب اعتبروها حقا مكتسبا لهم، بل واعتقدوا أنها صممت من أجلهم، جذبهم فيها سرعة وزيادة التواصل مع الآخرين وتقليل عدد المكالمات والرسائل النصية SMS، فتهافتوا عليها، إلا أن الممارسات الخاطئة من قبل بعض الشباب جعلت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تعلن عزمها مطاردة تلك الممارسات الشبابية الخاطئة، ووجد ذلك الإعلان ردود أفعال متباينة سواء من الشباب أو الدعاة. وتقنية ال «بلاك بيري»، أو ما يعرف اليوم بين الشباب ب «البيبي»، صممت في الأصل لخدمة رجال الأعمال، لكنها سرعان ما انتشرت بين الشباب للترفيه والتسلية، وهذه التقنية هي عبارة عن تليفون جوال يتيح الوظائف الموجودة في الجوال العادي كالرسائل القصيرة «SMS»، والوسائط المتعددة والمكالمات الصوتية، بالإضافة إلى إمكانات أخرى كاستقبال وإرسال رسائل البريد الإلكتروني، علاوة على استخدامات «البلوتوث» لتبادل الصور ومقاطع الفيديو، و «الماسنجر» للدردشة، بالإضافة إلى تصفح خدمة الإنترنت. يرى محمد الصياد، شاب في العشرينات، أن الممنوع دائما مرغوب، مشيرا إلى أن الهيئة طالما أعلنت مطاردة الممارسات الخاطئة في البلاك بيري، فإن ذلك كفيل لإقبال الشباب عليها، مطالبا الهيئة بالنزول إلى وسط الشباب ومخاطبتهم على قدر تفكيرهم وتوضيح أضرار تلك الممارسات عبر محاضرات تقام لهم في أماكن تجمعاتهم، واكد أن تلك الوسيلة أجدى نفعا من المطاردة، موضحا أن طبيعة استخدام أي تقنية ترجع للشخص نفسه، فيمكن أن يستخدمها الاستخدام الصحيح أو خلاف ذلك، ضاربا مثالا بالسيارة فهي تخدم الإنسان في تنقلاته إلا أن هناك من يستخدمونها في غير محلها كالتفحيط وقد يكون ذلك سببا في هلكة مستخدمها إذا تجاوز السرعة، وقال إن لم يكن وازع الشخص نابعا من داخله ويخشى الله في السر والعلن فلن ينفع معه أي جهة رقابية مهما كانت، معقبا أن تقنية البلاك بيري أصبحت من ضروريات الحياة بالنسبة للشباب، لا سيما العاملين منهم. مطاردات بلاجدوى من جانبه، يرى مصطفى حسين، أن إعلان الهيئة عن مطاردة «البلاك بيري» لا يتعدى أن يكون نوعا من المثاليات، من الصعب تطبيقها على أرض الواقع، مرجعا ذلك لمحاولات الهيئة السابقة في مطاردة البلوتوث والجوالات بكاميرا، إلا أن هذه المحاولات لم تثبت جدواها على أرض الواقع، وأهاب بالهيئة بدلا من ان تطلق حملات ملاحقة أن تنظم حملات توعوية تساهم في غرس القيم والأخلاق الحسنة لدى الشباب. أما محمود الشيخ، شاب عمره 23 سنة، فلا يؤيد هذا التوجه من الهيئة، ويرى أن هناك مساحة للحرية الشخصية يجب أن تكون بعيدة عن مراقبة أي جهة ، وإن كان هناك حاجة ماسة للرقابة فلتكن تقنية، أي بمنع استيراد هذه الأجهزة أو إدخال بعض التعديلات عليها بما يتناسب مع عادات وتقاليد المجتمع ، مضيفا، وإن كنت أرى أنه لا يوجد هناك تعارض بين هذه التقنية وبين حاجات الشباب، لا سيما مع وجود وسائل اتصال عديدة كالإنترنت. ويرى الداعية عدنان باحارث أنّ إمكانية ضبط الهيئة لمثل هذه السلوكيات المنتشرة بين الشباب أمر مستحيل، حيث من الصعب فرض رقابة خارجية صارمة، خاصة في التعامل مع تلك التقنيات. وقال إنّ مفهوم الرقابة في الأصل «لا بد أن يكون داخليا، ثم يتحول الضبط من الداخل إلى الخارج». لكنّه يعتقد أن «الضبط الداخلي والبرامج التربوية التي تهدف إلى إحياء الضمير الداخلي، ضعيفة جدا وتقليدية». وشدد على أن لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر «دورا إيجابيا في مواجهة ظواهر مثل البلاك بيري، لكنه غير كاف بمفرده، فالأب في بيته يستطيع أن يضبط الأمر، والمدير في مؤسسته له دور... وهكذا» . ورأى باحارث أنّ «التربية الإيمانية والأخلاقية تعاني من مشاكل عديدة، منها أن المربي غير مؤهل لنقل التربية الإيمانية والأخلاقية والسلوكية، فالآباء يتزوجون ويصبحون آباء وهم غير أهل لذلك»، وتأتي تقنية «البلاك بيري» في الوقت الذى زاد فيه التعامل مع شبكة التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت «الفيس بوك»، والتي أزالت الكثير من الحدود بين الشباب في السعودية. الهيئة : عقوبات لاستخدام البلاك بيري في الابتزاز والمعاكسات وفيما يخص رأي الهيئة حول هذا الموضوع، قال الدكتور تركي الشليل، المتحدث الرسمي باسم فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمدينة الرياض: إنّ «أفراد الهيئة الميدانيين لديهم القدرة على التعامل مع تقنية «البلاك بيري» ومستخدميها، ومتى ما ثبت استخدامها بشكل خاطئ من قبل أي شخص سواء بالمعاكسات أو الابتزاز، فإنه ستتخذ عقوبة بحق المخالف بحسب الإجراءات النظامية». وأوضح أنّه «لن تتم مصادرة أي جهاز أو التحفظ عليه إلا إذا كان له ارتباط بالجرم الذي تمّ الإيقاف من أجله». ونفى ما تردد عن أن الهيئة ستشن حملات خاصة على المولات وأماكن تجمع الشباب الأخرى، مشددا على أن «مراقبة المخالفات ستكون ضمن عمل أفراد الهيئة في دورياتهم المعتادة». ولفت إلى أن الهيئة ستطارد أيضا أية محاولة لاستخدام تقنيات مشابهة لممارسات تخرج عن إطار الأخلاقيات.