في إطار إعادة التوازن الثقافي في العالم، بعد محاولة القطب الواحد فرض ثقافته، حددت الأممالمتحدة يوم الحادي والعشرين من شهر فبراير من كل عام ليكون يوماً عالمياً للاهتمام باللغة الأم لكل أمة، وفي خطوة أخرى أقرّت يوماً لكل لغة، وكان اليوم العالمي للغة العربية هو يوم 18 ديسمبر من كل عام وسيصادف اليوم 12 من شهر المحرم 1432ه، وهناك أيام مماثلة للغات الأخرى. في يوم الأحد 21 فبراير (7/3/1431ه) احتفت الجمعية العلمية السعودية للغة العربية بهذا اليوم، واختارت للحوار في الندوة موضوع (حاجة التخصصات الأخرى للغة العربية) وشارك فيها بأوراق علمية كل من الدكاترة إبراهيم الجوير وأحمد سيف الدين وعبدالعزيز الحميد، وأدار الندوة والحوار بعد الأوراق الدكتور محمد الحيزان، وكان المنتدون من أساتذة اللغة العربية وكانت ندوة ثرية في الحوار وعسى أن تكون النتائج أثرى. والجمعية العلمية السعودية للغة العربية تعنى بعلوم العربية في مستوياتها البحثية والتعليمية والاجتماعية، وحددت أهدافها وآلية تحقيقها ولها فروع ولجان، ومن أهم مهمات لجنتها للتعريب والتصدي للعامية وضع خطة لمواجهة العجمة في المجتمع والإعلام، والسعي لتعريب التعليم العام والعالي في جميع التخصصات ضمن خطة مرحلية وبحسب الأولويات. ولم أطلع على احتفاء لليوم العالمي للغة الأم سوى هذا الحفل ومقال في صحيفة وندوة في التلفاز، مع أهمية الاحتفاء بهذا اليوم في مجالي الإعلام والتعليم، ففي الإعلام هناك زحف للغات الأجنبية واللهجات العامية ومن أبنائنا من صار يستخدم ألفاظاً غير محلية، وكنا نطمح أن نتجه نحو الألفاظ الفصحى لا أن نتجاوب مع إعلام وافد يسعى لنشر لهجته العامية، وفي مجال اللغات الأجنبية تجاوز الزحف الألسنة إلى تسمية كثير من المحلات التجارية بأسماء أجنبية، وكنا من قبل لا نكاد نرى اسماً أجنبياً سوى الأسماء العالمية. تنص السياسة التعليمية على أن لغة التعليم العالي هي اللغة العربية إلا عند الضرورة، ولكن الواقع أن كل العلوم تدرس بغير العربية وهنا مصدر المعاناه عند الطلاب، ليس من عدم فهم المادة العلمية بل من عدم تمكنهم من اللغة الأجنبية تمكناً يجعلهم يستوعبون ما يسمعون، واسألوا طلاب الكليات العلمية والطب بخاصة، وقد قلت في مداخلة في الندوة: إن العالم العربي هو الشذوذ في العالم كله الذي يدرّس العلوم بغير لغته الأم، وانظروا إلى جزر في المحيطات ودول صغيرة، فضلاً عن الدول الكبيرة التي لا تدرس العلوم إلا بلغتها، وقلت إن دراسة اللغات وإجادتها أمر مطلوب بل واجب حيناً، ولكن شتان بين دراستها والتدريس بها. عندما اختارت الجمعية موضوع (حاجة التخصصات الأخرى للغة العربية انصرف ذهني إلى العلوم الحديثة التي نحتاج إليها والتي يعاني طلابنا من فهمها، لأن اللغة حاجز قوي بينهم وبين الاستيعاب، لكن الندوة لم تتطرق لذلك، وعسى أن يكون ذلك في اليوم العالمي للغة العربية، فهذا أهم ما يواجه نقل العلم وتوطنه وقد أعلنت اليونسكو أنه لا توطن للعلم بغير اللغة الأم، ولكن صراع الثقافات أقوى من كل صوت. في يوم اللغة الأم توقعت أن تكون حصة في كل فصل دراسي في التعليم العام والعالي عن اللغة العربية ولكن شيئاً من ذلك لم يحصل وعسى أن يكون في يوم اللغة العربية في المحرم القادم. اللغة لأي أمة انتماء، واستخدامها قرار سيادي، والتحدث بها واجب، والكتابة بها فريضة، والدفاع عنها كالدفاع عن حدود الوطن والوحدة الوطنية، وهي إحدى قواعد الوحدة الوطنية، وأظن أن العالم قد تجاوز الهزيمة النفسية بعد إعلان الأممالمتحدة عن أيام للغات استشعاراً للخطر، وبارك الله في الأممالمتحدة على مثل هذا القرار أما التنفيذ فشأن الأمم.