نشرت صحيفة الإندبندنت البريطانية مقالاً للكاتب البريطاني روبرت فيسك تحدث فيه عن عملية الموساد الإسرائيلي التي اغتال فيها عضو منظمة حماس الفلسطينية محمود المبحوح، ووصف فيسك ما قام به الموساد بأنه "مؤامرة" و "حرب دعائية"، كما قال إنها تمثل حلقة جديدة متواصلة من حرب قديمة قذرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين كان الطرفان يقتلان فيها خصومهما من الشرطة السرية لعقود. وقال فيسك: اغتيال المبحوح حمل جوانب أخرى غير مرئية، ومنها أنه غذى الشعور المتنامي وسط الإماراتيين بأن ما عانته دبي خلال العام الماضي من أزمة اقتصادية خانقة جاء عقاباً من بعض البنوك الغربية بإيحاء من الولاياتالمتحدة وذلك على خلفية استخدام إيرانلدبي كقاعدة لتقويض العقوبات إبان الحرب الحارة الباردة بين التحالف الأميركي الإسرائيلي وإيران. والآن يريد الأميركيون (أو الإسرائيليون) تحويل دبي إلى بيروت الخليج. وكانت صحيفة جيرسوالم بوست العبرية قد سارت في نفس هذا التحليل، ووصفت ما شهدته دبي خلال تلك الفترة بأنه مأساة اقتصادية. ووجه فيسك انتقادات لاذعة لسلطات بلاده واتهمها بعدم الاكتراث إلا بعد أن تفشت تفاصيل القضية، وأكد أن السلطات الإماراتية اتصلت بالقنصلية البريطانية في دبي وأبلغتها بتفاصيل جوازات السفر البريطانية التي استخدمها القتلة لتنفيذ مخططاتهم قبل أسبوع من تداول الإعلام للقضية، لكنها -أي السلطات الإماراتية- لم تتلق أي رد من القنصلية. وتساءل فيسك: لماذا لم تعبر السلطات البريطانية فوراً عن غضبها من التصرف الإسرائيلي؟ ولماذا لم تقم بإعلان أن تلك الجوازات مسروقة أو مزورة؟ لا شك أن استخدام الجوازات البريطانية بهذا الشكل وامتهانها يشكل خطورة بالغة مستقبلاً على أي مواطن بريطاني. وواصل فيسك في انتقاداته لسلطات بلاده قائلاً: لو كان لوزارة الخارجية معلومات كافية عن هذه القضية فإن الواجب كان يحتم عليها أن تكشفها لمواطنيها على الملأ وبصورة فورية. وإذا لم تكن المعلومات متوفرة لديها فكان عليها أيضاً أن تعلن ذلك. الصمت الذي مارسته الخارجية هو صمت مريب يدعو للتساؤل. وأشار فيسك إلى "تعاون" كثير من الدول الغربية مع إسرائيل في ما يخص محاربة الإرهاب، وقال: كثير من الدول الغربية ترسل بعض رجال الشرطة إلى تل أبيب للتدريب على أساليب مكافحة الإرهاب، على غرار ما فعلته كندا مؤخراً، كما أن الخطوط الجوية الفرنسية تقوم في الوقت الحالي بمد الإدارة الأمريكية بأسماء ركابها، ولسنا في حاجة للقول إن تلك القائمة تذهب فوراً إلى إسرائيل، رغم أن كثيراً من ضباط الأمن لديها متورطون أيضاً في جرائم حرب. وقال فيسك بأن الوقت لا يزال مبكراً للكشف عن كل تفاصيل هذه العملية، مشيراً إلى أن سلطات دبي لا زالت تتكتم على بعض التفاصيل والأسرار التي قالت إنها ستنشرها على الملأ، وأن العالم كله يترقب تلك المفاجآت. وأشارت الإندبندنت إلى ردود أفعال الصحف الإسرائيلية التي حاول بعضها نفي الشبهة عن الحكومة الإسرائيلية، وتشكيك الفلسطينيين في أنفسهم وزرع الفرقة بينهم، وأشارت إلى الاعتراف الضمني الذي خرجت به صحيفة هارتس العبرية التي عزت السبب في اكتشاف تفاصيل تلك الجريمة إلى ما أسمته "التكنولوجيا العالية" التي استخدمتها شرطة دبي، والتي قال إنها استثمرتها في الكشف عن جوازات سفر المتورطين في العملية ونقلتها عبر البث الحي إلى العالم بأسره. وقالت هارتس: عملية اغتيال المبحوح نقلت العالم دفعة هائلة نحو عصر جديد، لن يكون بإمكان أحد فيه أن يقوم بأي عمل سري دون تفوق تكنولوجي يتيح له الاختفاء مثل التشويش أو التحكم. قريباً جداً سيكون باستطاعة الكاميرات ووسائل البحث القدرة على استعادة كل شيء في أي مكان وزمان ووضع، ولن يكون ممكنا خداعها مثلما حاولت فرقة الاغتيال ذلك في دبي.