قد لا يكون من قبيل الصدفة أن تتم عملية اغتيال المبحوح في عهد رئيس وزراء إسرائيل الحالي بنيامين نتنياهو بنفس الطريقة التي استخدمت في اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في عمان عام 1997، عندما كان نتنياهو رئيسًا للوزراء للمرة الأولى؛ لجهة توفر العديد من القواسم المشتركة في الحالتين، أولها مصادقة ومباركة نتنياهو للعمليتين، وثانيها أنهما حدثتا باستخدام سلاح جريمة واحد هو السم. وثالثها أنه تم في العمليتين استخدام جهاز الموساد جوازات سفر مزوّرة، جوازات كندية في الحالة الأولى، وجوازات أوروبية (بريطانية - أيرلندية - ألمانية - فرنسية) في الحالة الثانية. ربما أن الفارق الوحيد بين العمليتين أنه أمكن إنقاذ مشعل بعد أن أجبر العاهل الأردني الراحل الملك حسين، رئيس الوزراء الإسرائيلي حينذاك، بنيامين نتنياهو، على تقديم الترياق المضاد للسم الذي استخدمه الموساد في محاولة الاغتيال، بعد أن أمكن القبض على الجناة. وقد تسبب استخدام الموساد جوازات سفر كندية في محاولة اغتيال مشعل في أزمة سياسية بين إسرائيل وكندا، التي استدعت سفيرها في إسرائيل احتجاجًا على إساءة استخدام جوازاتها، وهو ما تكرر بشكل أو بآخر في عملية المبحوح، عندما استدعت الخارجية البريطانية والإيرلندية والألمانية والفرنسية السفراء الإسرائيليين لديها. ما جرى في الحالتين يضعنا أمام مشهد إرهابي إسرائيلي واضح المعالم والخطوط والأهداف، وأمام سياسة اغتيالات إسرائيلية رسمية ومشرعة من قبل أعلى المستويات السياسية الإسرائيلية، وهو ما يعني تحديدًا أننا بصدد حكومة إسرائيلية تقوم بالاغتيال على أراضي الغير بشكل منهجي ومبرمج، وبدون محاكمة منتهكة سيادة دول حرة مستقلة لها وزنها ومكانتها في المجتمع الدولي. ما ذكرته صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية أمس بأن نتنياهو التقى أعضاء فريق الاغتيال في مقر الموساد قبيل توجهه إلى دبي لقتل القيادي في حماس محمود المبحوح الشهر الماضي. وأنه أعطى موافقته على خطة الاغتيال ومخاطبته للفريق بالقول إن «شعب إسرائيل يثق بكم، حظًا موفقًا» يثبت أن المسؤول الأول عن عملية الاغتيال هو نتنياهو نفسه، وهو ما يخوّل لدبي تحرير مذكرة اعتقال ضده، وملاحقته وفق ما سبق وأن ذكره قائد شرطة دبي حالما تكتمل صورة الجريمة.