إذا كانت وسائل الإعلام وبالذات الغربية منها ، قادرة على اختلاق الأكاذيب وترويجها حتى تصبح في حكم الحقائق غير القابلة للنقاش ، فإنها قادرة أيضا على أن تجعل الناس ينسون الأكاذيب التي أطلقتها بعد أن تكون الجهات السياسية والاقتصادية المعنية قد استفادت منها إلى أقصى حد . من من أبناء الشعبين الأميركي والبريطاني بل وشعوب الغرب جميعا ، ما زال يذكر أكذوبة أسلحة الدمار الشامل التي استخدمت كذريعة لغزو العراق ونهب نفطه وسرقة تراثه وتفتيت وحدته الوطنية ؟ طبعا لا أحد ..! فوسائل الإعلام التي مارست الكذب بكفاءة تفوق ما كان يتمتع به مسيلمة نفسه ، عادت وسكتت عن الموضوع بعد الغزو حتى تم نسيانه تدريجيا . والآن وبعد حالة الهلع التي نشرتها وسائل الإعلام الغربية وماكينات الدعاية الرأسمالية في العالم أجمع بسبب اختلاق أكذوبة ( الوباء ) الجديد المسمى بإنفلونزا الخنازير ، ها هو الهلع يكاد أن يختفي بعد أن تم تسويق أعداد مهولة من اللقاحات المضادة للوباء المزعوم . والأكيد أن حالة الهلع هذه لم تختف من تلقاء نفسها ، ولكن سكوت وسائل الإعلام عن الكلام المباح في الوقت المناسب ، هو الذي أدى إلى نسيان الأمر برمته. ماكينات الدعاية الرأسمالية ليست قادرة على اختلاق الأكاذيب فقط ، ولكنها قادرة على أن تجعل الناس ينسون أكاذيبها أيضا . إنها استراتيجية الكذب المنظم والنسيان الخلاق.