يبدو أن كابوس (الأمطار ) والسيول هذا العام لا ينتهي في مكان إلا ليبدأ في مكان آخر من مناطق ومدن وقرى وطننا الحبيب . فبعد كارثة سيول جدة تابعنا ما فعلته السيول بكل من تبوك ثم الطائف ومكة المكرمة. أرواح لقيت باريها، وممتلكات تعرضت للتدمير، وأحياء وشوارع تحولت إلى أنهار ليست كالأنهار على رأي الشاعر نزار قباني . كل هذا يحدث وفرسان القلم لدينا ما زالوا مشغولين في معارضة أو تأييد الاحتفال بعيد الحب . أي حب هذا ..؟ وأية ورود أو قمصان حمراء أو هدايا تلك التي يتساجلون حولها وسط هذه الظروف ؟! إن الحديث عن الحب في زمن الأمطار والسيول التي تحصد الأرواح وتجرف السيارات وتهدم المنازل ، يذكرني بالحديث عن الحب في زمن الكوليرا على رأي الروائي الكولومبي العملاق جابرييل جارسيا ماركيز. وأحسب أن ماركيز لو كان بيننا وعايش ما نعايشه الآن لكتب روايته من جديد ولأعاد تسميتها مستبعدا كلمة الكوليرا من الأحداث ومن العنوان معا . المشكلة إن كثيرا من مثقفينا الذين أدمنوا الحياة في الأبراج العاجية ، ينقسمون إلى قسمين . الأول : يرى أن الاحتفال بعيد الحب يمكن أن يهدم أركان الدين ويزعزع روح الإيمان ويقضي على مقومات الهوية و ( الخصوصية ) التي لا نعرف من أين تبدأ ولا إلى أين تنتهي حدودها؟ أما القسم الآخر فيرى في الاحتفال بعيد الحب الوسيلة الأولى للحاق بركب الدول المتحضرة ، وإلا فإننا سنقبع في حالة التخلف التي نعيشها إلى ما لا نهاية . وطبعا فلا تسألوا عن ضحايا السيول في زمن الخواجه فالنتاين .