لقد سعدت بتكريم الأستاذ عبدالمقصود خوجه للزميل الدكتور بدر كريم في (الاثنينية، يوم الاثنين 24/2/1431ه (8/2/2010م) وهو تكريم يأتي في إطار ما قدمّ به الجزء الأول من كتاب (الاثنينية) بأن التكريم (لم يقم على إحياء ذكر صاحبها.. بقدر ما قام على الاحتفاء بذكر ضيوفها وجهادهم: إكباراً لهم، ووفاءً لجهودهم، واعتزازاً بعطائهم الذي مهّد الطريق، وبدّد ظلماته أمام نهضتنا الأدبية والثقافية المعاصرة، فلولا جيل الكبار وتجاربهم لما كانت تباشير هذه النهضة الأدبية الثقافية التي نعيش أجواءها. والواقع أنه يحق للأستاذ عبدالمقصود خوجه نفسه أن يكرم بعد هذا الكلام الذي كتبه عام 1410ه وصدرت بعده مجلدات كتب الاثنينية ومجلدات مؤلفات رواد النهضة الأدبية في المملكة، وحسبه أنه فتح باب المال ليخدم الثقافة، وسواء شاء أم لم يشأ فإن تكريم الرواد أحيا ذكر صاحب الاثنينية. أما الدكتور بدر كريم فقد كتبتُ مقدمة لكتابه (نشأة وتطور الإذاعة في المجتمع السعودي) وعبرت فيها عن كثير مما عرفته من الجوانب الإذاعية في شخصيته ليس عن مجاملة -فما كان ولن يكون هذا رأيي - بل عن تجربة ومعايشة، وسيبقى رائداً من رواد العمل الإذاعي بخاصة، كما سيبقى كتابه هذا المرجع لكل راصد لتاريخ الإذاعة. وسعدت أن يكون مدير الندوة هو ذلك الرجل الفاضل معالي الدكتور محمد عبده يماني الذي عشت وزملائي في زمن وزارته للإعلام جوّاً رائعاً من التعامل الإداري والإعلامي بالرغم من ظروف العمل الصعبة في تلك الأيام، ولذا كانت إدارة معاليه للندوة تكريماً للمكرم، فهو يعرف منزلته في تاريخ الإعلام السعودي، وهو ليس ممن يغارون من أضواء الإعلاميين أو قدراتهم الثقافية. ووددت ألا يتحدث في الندوة بدر كريم إلّا قليلاً، وأن يتاح المجال لمتحدثين يتحدثون عن مهنيته في الإذاعة والتلفاز ووكالة الأنباء السعودية والصحافة المكتوبة والتأليف في الإعلام والاجتماع، وقد ذكرت في مقدمة كتابه السابق أن بدر كريم، (يرى أن الإذاعي الناجح هو من يبذل كل وسيلة لسلامة الكلمة المذاعة من الخطأ) وقد عشت معه ذلك في برامج الإذاعة، وفي الصور الصوتية الحية، ولم أره يوماً مزهواً بشهرته الإعلامية التي تصيب بعض الإعلاميين أو المسؤولين الذين عاصرتهم، وبالأخص من لا يملك القدرة الإعلامية ويضيق ذرعاً بالاستعانة بالآخرين، يحتمل الوقوع في الخطأ ولا يحتمل أن يسأل عنه قبل الوقوع فيه. لقد عشت عقوداً مع بدر كريم كنت مديراً للبرنامج العام في إذاعة الرياض وهو مدير للبرنامج العام في جدة ثم صار مسؤولاً في الإذاعة ووكالة الأنباء وصرت كذلك، واصرح أنني كنت أختلف معه في الإدارة وفي بعض الآراء ولكن الاختلاف هذا عمّق العلاقة الشخصية لأن هدفه الوصول بالعمل للأفضل، ولم أعرف عنه أنه حمل ضغناً كما عشته مع أطراف قد يأتي الزمن للكتابة عنها. اختلف مع بدر كريم فيما نشر في الصحف أن الأستاذ عبدالله أبو السمح المؤسس الحقيقي لوكالة الأنباء السعودية، فهو أول مدير لها ولكن المؤسس نشأة وفكرة هو الأستاذ إبراهيم العنقري، والمؤسس إدارة وصحافة هو الأستاذ عبدالله هليل، وما زالت الوكالة على الوضع الإداري الذي أسسه عبدالله هليل، بالرغم أنني صرت مديراً عاماً لها في ظروف لا تسمح بالتطوير، ولم تتطور سوى تقنياً بحكم التقدم العلمي، وأنا على يقين أنه سيصحح هذه المعلومة حفظاً لحقوق الرجلين التي صارت تاريخاً إعلامياً، يعرفه هو تمام المعرفة. بدر كريم رائد في الإذاعة، ورائد في التلفاز، ورائد في وكالة الأنباء، ورائد في الصحافة، ورائد في التأليف في الإعلام، وللأستاذ عبدالمقصود الشكر في الاحتفاء بهذا الرائد، ولعلي أقول أنه أبرز تكريم له وإن كانت وكالة الأنباء قد عملت له تكريماً بعد تقاعده وكنت مديراً عاماً للأخبار، ولكن الوزارة حسب علمي لم تكرمه بل لم يحضر مسؤولها ذلك الحفل. إن أمة تعترف بفضل روادها تستحق أن تعيش وأن يكتب تاريخها، فالماضي استشراف للمستقبل، وخطوات المستقبل بدايتها خطوات الروّاد .