السياحة بحر متلاطم لا ساحل له , ولا أستطيع الخوض فيه إطلاقا لعدم قدرتي على العوم فقد أغرق , لكن حديثي اليوم يتولد من مقترح مهم جدا أتمنى أن يجد القبول من صاحب القلب الكبير والأفق الواسع , ورائد الفضاء الأول صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز الأمين العام لهيئة السياحة , حيث أن الجميع يعلم أن بلدنا الغالي ، قارة واسعة بمشاهدها التاريخية ومعاركها التاريخية قبل الإسلام وبعده ، وآثارها الخالدة كثيرة ومتعددة , والكل يعلم حجم المسؤولية المناطة بهيئة السياحة ، ولم تدخر وسعا في إيضاح أهمية الآثار وقيمتها , بل وأهمية السياحة على الوطن والتعريف به , لكن الكثير من مواطنينا لا زالوا يجهلون ذلك , وأقلها تلك الملايين من الطلاب ومئات الآلاف من المدرسين في مراحل التعليم المختلفة حتى أصبحت الآثار آخر اهتماماتهم ، ولهم العذر في ذلك لأن الآثار حينما كانت مسؤولة عنها وزارة المعارف ( وزارة التربية والتعليم حاليا ) لم تنشر ثقافة الآثار والسياحة , بل تعتبرها ركناً من أركان الوزارة , يعج بالموظفين الذين لا يدركون أهميته , وكل همهم الحضور صباحا والخروج ظهرا ومرافقة الخواجات لقبض الانتداب . ما دعاني لتلك المقدمة اللطيفة وعلى عجل هو ذلك الإهمال التام لتلك الآثار الخالدة على امتداد وطننا الغالي ، في الوقت الذي نرى من خلال كتب الرحالة الغربيين كيف يقطع الواحد منهم آلاف الكيلومترات والأشهر من أجل دراسة اثر من الآثار قد نمر به آلاف المرات ولا نلتفت إليه ، بل إن الأمر أصبح أدهى وأمر من ذلك وتحولت معظم الآثار إلى خرابات وأطلال ومأوى للحيوانات السائبة وتجميع القمامة والعمالة المتخلفة وأوكارا للفساد, وقد يتوقف أحدكم عند إحدى تلك العبارات القوية ويقول مهلاً ما هذا الكلام قف عند حدك ، فأقول له لا تعجل وإليك دليل غضبي . كان قريباً مني وبالتحديد في بلدة «الشقة « القريبة من بريدة بمسافة كيلو مترين شمالاً فصارت أحد أحيائها ، برج مراقبة للبلدة عمره يتجاوز 100 عام وأسمه « ضاري « أو «ضارج « على أصح الأقوال , ويقع شرق البلدة على حافة صخرية مرتفعة ، وكنت أعتقد أنه تابع للهيئة العامة للسياحة لكنني فوجئت ثم ضحكت – وشر البلية ما يضحك –أنه تحول إلى احد مواطني البلدة وأقام حوله سورا وهو الآن استراحة تحوي قصرا شامخاً يصيح بأعلى صوته ينادي سمو الأمين العام لهيئة السياحة ويقول : من ينقذني من براثن هذا المواطن ؟ بل لا يستطيع أحد الوصول إليه إلا بعد الإذن من هذا المواطن , والسؤال من سمح له بذلك ، وكيف أصبح هذا الأثر ملكاً له ؟ لا أدري !! أمر آخر اشد غرابة وطرافة وإليكموه بالتفصيل : كنت مع مجموعة من الزملاء في رحلة برية في أرجاء وطننا العزيز خلال إجازة عيد الفطر المبارك العام الماضي وكنت أسمع عن ديار قوم نبي من أنبياء الله لا أتذكره الآن , والتي تقع بالقرب من محافظة تيماء التابعة لمنطقة تبوك , المهم كان هذا الاسم رنانا ومغرقاً في القدم وأتمنى زيارتها فزرتها مع الزملاء وبقينا فيها يوماً كاملاً ، ويا ليتنا لم نزرها ، أتدرون لماذا ؟ لأني وجدت أحد البادية وضع ماشيته داخل الشبك المحيط بالقرية , وهنا أقول لكم أنا لست محامياً عن أهلها من أجل الحديث عن خدماتها ونظافتها وشكلها ، لكن الذي يعنيني في ذلك هو التاريخ الذي يبكي وهذا البكاء غير مسموع لكني سمعته وهأنذاء أنقله لمن يعنيه الأمر . أسعد الله أوقاتكم