بعد إخراج الدولة الإسلامية الأولى دولة النبوة ليهود بنى قينقاع، ويهود بنى النضير من المدينة، وبعد عقاب يهود بنى قريظة بسبب خيانة الجميع للعهود التى قطعوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودولته لم يبقَ بالمدينة من اليهود العبرانيين سوى خيبر المتحصنين بالحصون التي تحيطها الواحات الزراعية حول المدينة.. وكان قد اجتمع في هذه الحصون رؤوس قيادات اليهود الذين امتلأت قلوبهم بالحقد على الإسلام والمسلمين، والفزع والجزع من صمود الدولة الإسلامية في وجه المشركين من قريش وحلفائهم، ومن هذه القيادات سلام بن الحقيق، وكنانة بن الربيع، وحيي بن أخطب الذين ذهبوا يولون قبائل الشرك والوثنية لمحاربة الإسلام والمسلمين، فكلّما سبق لهم أن عرضوا على أعراب غطفان ومشركيها ثمار الواحات الزراعية بخيبر عامًا كاملاً، ليتحالفوا ضد الدولة الإسلامية ذهبوا إلى مشركي قريش العدو الأول والأكبر للإسلام ودولته، عارضين التحالف معهم، وقائلين لهم إنا سنكون معكم حتى نستأصله. فلما سألهم مشركو قريش الذين يعبدون الأوثان؟ يا معشر يهود إنكم أهل الكتاب الأول والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد، أفديننا خير من دينه؟ كان جواب خيبر الذين يزعمون أنهم أهل توحيد: - بل دينكم خير من دينه، فأنتم أولى بالحق!. وفى هذه الخيانة حتى لدينهم وشريعتهم وكتابهم نزل القرآن الكريم ليقول (ألم تر إلى الذين أتوا نصيبًا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلاً * أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن لتجد له نصيرًا) النساء : 52-51. ورغم هذا الذى صنعوه واقترفوه ذهب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليذكرهم بالعهد الذى سبق ودخلوا فيه مع الدولة الإسلامية منذ قيامها سنة 622، فرفضوا الاستجابة لهذا المسعى، بل وتآمروا على قتله بالسم الذي دسوه له فى الطعام! فلم يدعوا أمام المسلمين خيارًا آخر غير قتالهم لاستئصال آخر بؤر التآمر اليهودي على الإسلام ودولته وأمته، فقام المسلمون وحاصروا حصون اليهود فى خيبر.. فسقطت بعض حصونهم، وفتحت بالقتال بعد حصار دام بضع عشرة ليلة، وسقط “حصن القموص” بعد حصاره لعشرين ليلة. وسلم حصان حصنان من حصونهم، ففتحا صلحًا.. وتم ذلك فى محرم سنة 7 أواخر مايو سنة 628 عقب صلح الحديبية في ذي الحجة سنة 6ه بعد ان حيد هذا الصلح رأس حربة الشرك قريش، فتمكن المسلمون من الاستدارة لاستئصال رأس حربة والتآمر والتحريض على الإسلام والمسلمين فى خيبر . وبموقعة خيبر كسرت شوكة الخيانة اليهودية فى المدينةالمنورة وما حولها على حين ظل اليهود المسالمون والمعاهدون للدولة الإسلامية مكونين (أمة - جماعة) واحدة مع المسلمين، أمة السياسة ورعية الدولة لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين، مع الاختلاف فى الدين الذى لا ينقص من الحقوق المقررة لسائر المواطنين.. إذا لهم بنص دستور دولة المدينة الصحيفة الكتاب: البر المحصن والنصر والأسوة والنصح والنصيحة بهذا قامت عدالة الاسلام .(ولا تكسب كل نفس إلاّ عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى) الأنعام 164!!