كان صالون العقاد أحد المظاهر المهمّة في المشهد الثقافي في الخمسينيات، ومنتصف الستينيات، وكان روّاده من كافة حقول المعرفة: الفلسفة، والأدب، وعلم النفس، والفن، والصحافة. ** كان يوم الجمعة -معروفًا- ولا أدري لماذا اختيار العقاد هذا اليوم؛ ليكون يوم الصالون المشهود؟! ** رصد (أنس منصور) تلميذ العقاد النجيب لهذا المشهد الثقافي في كتابه (في صالون العقاد كانت لنا أيام)، والكتاب لا يتعلّق بالصالون، وما دار فيه فقط، وإنمّا يؤرخ ويرصد للمرحلة وأدبائها.. حتّى الذين لم يحضروا الصالون مثل الدكتور: طه حسين!! ** ورصد (أنيس منصور) فيما رصد شخصية العقاد الذي يتكلّم ويناقش ويتحدث باستفاضة، ويسخر من الكثير في أسلوب متعالٍ خشن.. كما يروي أنيس..! ** هذا الاستعلاء لا شك أنه مقدمة للإحساس بالفوقية، ومن ثم الإحساس (بالأستاذية) المطلقة لحاضري الندوة، وهم علماء، وأدباء، ونقاد، وفلاسفة ليس ذلك فحسب، بل والنَّيل منهم عند ذكر أسمائهم، والتشنيع بالسخرية عليهم مثل وصفه للشاعر (كامل الشناوي) بأنه (لسان كبير)..!! ووصفه لعبدالرحمن بدوي بأنه (جاهل وحمار).. كما روى (أنيس منصور) ذلك!! وقوله عندما ذكر له إنه سيمنح (درجة الدكتوراة الفخرية) قال: ومَن هو الذي سيمتحنه.. وغاب عنه -ربما- كما يقول أنيس منصور أن الدكتوراة الفخرية تمنح هكذا بدون لجنة!! ** كل هذه المعطيات وغيرها تؤكد على الميول الاستعراضية لدى العقاد، والتي كان الصالون -مكانًا وزمانًا- يعلن عنها بوضوح..! ** لقد كان الأستاذ العقاد -رحمه الله- مهتمًا ورائدًا في التحليل النفسي الأدبي، وكتابه عن (أبي نواس) فيه شيء غير قليل من زيادة الاتّكاء على العنصر (الفسيولوجي) في دراسة هذه الشخصية الإبداعية الذكية، لقد كان يستعرض نفسه كثيرًا من خلال هذه الدراسة الظالمة. ** لقد ظلم أبا نواس، وعرّاه بغير وجه حق!!