في مقال الأربعاء الماضي تناولت مشاهد من فوضى الخصوصي والوانيت والباصات في المدينةالمنورة ، هي مشاهدات يومية وواقع يتعامل معه أهل المدينة وزوارها .. وتعقيبا على ذلك تلقيت ردودا كثيرة من قراء أعزاء عبر البريد الإلكتروني ، وتعليقات مصاحبة للمقال في الموقع الإلكتروني لصحيفة (المدينة) الغراء ، وكلها تستحق الاهتمام ، وأتمنى أن تكون القضية قد بلغت أنظار الأعزاء في مرور المدينةالمنورة مع تقديرنا لجهودهم. ومع القراء أيضا أضم صوتي لما طرحوه حول نقطتين مهمتين ، أولهما تتعلق بتنظيم نقل الركاب ومن ذلك ضرورة السماح لمكاتب نقل الأجرة وأقصد الشركات إن وجدت،أيضا ضرورة فرض تسعيرة معقولة ومحددة لليموزين في المشاوير والخطوط المعروفة مثل (المطار- الحرم) والعكس ، وذلك لخدمة الزوار ، وأعتقد أن دور وزارة النقل مطلوب في ذلك، فالأساس هو الأجرة المعقولة وليست الباهظة التي بالفعل تصدم الراكب في أول خدمة يحتاجها فور وصوله إلى المدينةالمنورة ، وكل مطاراتنا ، لذا لابد من حل بتحديد تسعيرة مناسبة بغض النظر عن القادر أو غير القادر على دفعها ، وإلا فالبديل استمرار فوضى النقل والاستثناءات دون حلول لخدمات نظامي. هذا بطبيعة الحال يقودنا إلى البديل الغائب وهو النقل الجماعي لخدمة خط (المطار- الحرم) على سبيل المثال. فلماذا لا توجد هذه الخدمة وأن يكون لها مواقف معروفة ومنتظمة في حركة السير الترددي ، ومن شأن ذلك إيجاد منافسة منظمة من حيث الخدمة وقيمة الأجرة على أن يتم وقف التجاوزات من الخصوصي الوانيت والباصات التي تسرح وتمرح دون نظام ولا بدائل كافية، وأكثرها غير مناسب في نظافتها و في مظهر بعض سائقيها. وبما أننا نتحدث عن مخالفات تجاه الأنظمة ، أجدها فرصة لظاهرة سلبية أوسع أرغب في تناولها وهي عدم احترام النظام في الحياة اليومية العامة بالمجتمع عامة ، ومثال ذلك ما يحدث عند كاشير المحلات ومراكز التسوق ،حيث يأتيك إنسان فجأة ويتجاوزك أو يستأذنك وعذره في ذلك أن مقاضيه قليلة ، ومن يسمح له سيغضب الآخرين خلفه ، وإذا رفضت ظل يرمقك في غضب وحنق مع أنه هو نفسه قد لا يسمح لغيره بعدم تجاوز دوره . أيضا بعض الجهات الحكومية التي لا تعمل بالأرقام تجد مراجعا جاء آخر واحد وأصبح في (غمضة عين) في صدارة الطابور ، وعندما تغلق الجهات وقت الصلاة نجد من يتحفز ليكون أول من يدخل إلى الكاونتر أو شباك الموظف مع فتح الباب بعد الصلاة طالما لا توجد أرقام ولا نظام..فلماذا يحدث كل هذا ؟ هل نحن لا نحب النظام إلى هذه الدرجة ؟ القضية في رأيي تكمن في مدى احترام ثقافة النظام والانضباط والقناعة بأن فيه العدالة للجميع باستثناء حالات إنسانية مثل مراجع مريض وهذا يتفهمه الجميع كمظهر للتراحم ، وهذا من روح النظام أيضا . أما المشكلة الأخطر في هذا الموضوع فهي التجاوزات التي تشهدها شوارعنا من أناس لا يحبون النظام ولا يطيقون عليه صبرا ، ويضيقون ذرعا به ، لأنه يعرقل جموحهم على الطرق وسرعان مايخالفون نظام السير عندما تتاح لهم فرصة وبالأحرى يجدونها بالسير كالثعبان على الطرق، وفي حالات أخرى تجد سائقًا يصر على مضايقتك بسياراته في الطريق ظنا منه أنك عطلت سيره ، فينظر لك شذرا ويشاغبك بحركات بهلوانية ويتفوه ألفاظ لاتخلو من صفاقة ، وبالتالي قد يسبب صداما عصبيا معه أو اصطدامًا ، ولا يرتاح إلا عندما يقهرك أو يحدث ما لاتحمد عقباه على الطريق . هذا يحدث من البعض الذين دائما في عجلة من أمرهم، ويتجاهلون حقوق غيرهم عند المعاملات أو في الطريق ، وينسون أن غيرهم لديهم أشغال أيضا . ولهذا لابد من التركيز على ثقافة النظام في السلوك العام وحتى الخاص ، وأظن أن للإعلام دورا في ذلك إذا ما أعدت الجهات المختصة إن كان وزارة الثقافة والإعلام نفسها أو المرور والداخلية عموما ، حملات توعية تبث في التلفزيون والإذاعة والصحف ، كذلك دور المسجد والتعليم ، والمهم أيضا الأسرة التي تبدأ القدوة منها عند الناشئة والشباب بشأن احترام السلوكيات العامة التي تجيدها شعوب كثيرة عن قناعة تربوية وحياتية .