كانت المدينةالمنورة يوم الثلاثاء الموافق 12 ذو القعدة من عام 1362هجرية على موعد مع حدث مهم لعب دورا حيويا في نهضتها ومسيرة أهلها على طريق العلم والتنوير.. ففي هذا اليوم افتتحت مدرسة طيبة الثانوية ذلك الصرح العلمي العملاق الذي تخرجت فيه كوكبة من أبرز الشخصيات الوطنية التي خدمت الوطن في مختلف المواقع وتركوا بصمات واضحة على خريطة التنمية في شتى ربوع المملكة. وولدت المدرسة الرائدة على أيدي رجال مخلصين من أبناء طيبة الطيبة بذلوا جهودا كبيرة وقدموا الكثير من التضحيات لتقف شامخة وتؤدي رسالتها على الوجه الأمثل كثاني ثانوية في المملكة بعد مدرسة تحضير البعثات بمكة المكرمة. حيث اعتبر افتتاح مدرسة ثانوية بالمدينةالمنورة بعد مدرسة تحضير البعثات على مستوى المملكة احد الشواهد العملية التي تكشف بوضوح عن اهتمام موحد الجزيرة العربية الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه بالعلم والمعرفة. وبدأت الدراسة بثانوية طيبة في بيت صغير مكون من 3 غرف بباب المجيدي عام 1362ه وكانت أسرة المدرسة في هذه المرحلة المبكرة مكونة من مدير وخمسة معلمين ومستخدم.. أما الأثاث فكان سبورتين ومقاعد مستعارة من مدرسة النجاح ومكتبا للمدير تبرع به الأستاذ أحمد بشناق وكان الطلاب عددهم 16 طالبا في السنة الأولى بينما انتظم في الدراسة بالصف الثاني 19 طالبا. ومع التطورات المتلاحقة التي حظيت بها المدينةالمنورة على غرار مدن ومحافظات المملكة الاخرى ومع دخولها العقد الثاني لتاريخ المدرسة انتقلت إلى مبناها المعروف بباب العنبرية حيث احتلت الطابق الأرضي من الكلية الإسلامية والتي أنشئت خلال العهد العثماني كما تم تغيير اسمها من المدرسة الثانوية النموذجية إلى اسم طيبة الثانوية وكان ذلك في عام 1382ه وفي العقد الثالث من عمرها انتقلت المدرسة من الدور الأرضي إلى الدور الأول الذي أنشأه لها الملك سعود.. وبعد ذلك انتقلت المدرسة العريقة إلى مقرها الحالي المجاور لمبناها التاريخي وخلال هذه العقود رسخت شهرتها وازداد صيتها العلمي واشتهر طلابها بالجد والاجتهاد والنبوغ والتفوق وتميزوا علما وخلقا ففتحت لهم الجامعات داخل المملكة وخارجها أبوابها وطوال تاريخ هذه المدرسة كان لطلابها أماكن بارزة بين الأوائل على مستوى المملكة. فقد تمكن كثيرون منهم من حفر أسمائهم في سجل التفوق واعتبرت بحق المدرسة التي ينبع من عطائها الوزراء والمبدعون.