عند مرور الناس بطريق كدي الطريق الدائري بمكةالمكرمة والمسمى حي الهجرة سالكين الطريق إما لمستشفى النور أو إلى العزيزية أو العوالي أو الاتجاه للمشاعر المقدسة، يشاهدون في طريقهم جبلا شامخا هو (جبل ثور) وفيه يقع (غار ثور) الذي احتمى فيه خير الأنام سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام مع صاحبه سيدنا أبو بكر رضي الله عنه عند هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينةالمنورة. هذا الجبل ذكرني به ابني هاشم عند مرورنا بجواره وهو يسألني لماذا سمي بجبل ثور، فأخبرته انه سمي بجبل ثور نسبة إلى (ثور بن مناة) كما ذكر في تواريخ مكة. الشاهد ان جبل ثور أكبر من جبل النور وأبعد منه في مكةالمكرمة وهو عبارة عن ثلاثة جبال متصلة اما الغار فيقع في الجبل الثالث منها وهو مكون من صخرة مجوفة في القمة تشبه سفينة صغيرة ظهرها إلى الأعلى والغار له فتحتان واحدة في مقدمته والثانية في مؤخرته ويبلغ طوله 18 شبرا تقريبا وطول فمه 5 أشبار وارتفاعه شبر وأكثر أما الفتحة الثانية فسعتها 15 شبرا ويبعد الغار عن أسفل الجبل مسافة ساعة ونصف الساعة مشيا. وهذا الذي ذكرته لا ينسينا هذا الجبل الشامخ ونحن نسلك الطريق بجانبه فيذكرنا بقدرة الله عز وجل حفظ نبيه من كفار قريش في هذا الغار فأرسل الله جنودا (لم تروها) لحماية سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه الصديق أبو بكر رضي الله عنه اللذين قضيا فيه ثلاثة أيام وكانت تحضر لهما الطعام ذات النطاقين (أسماء بنت أبي بكر) رضي الله عنها ليلا. وكم نتخيل كيف كان كفار قريش يمرون أمام الغار فيرون خيوط العنكبوت وعش الطيور ولا يرون أحدا بداخله. ولهذا الغار تاريخ مهم إذ انه أحد المعالم الإسلامية والذي خلدته الآيات القرآنية ومرتبط بالهجرة النبوية الشريفة. (إلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إذْ أَخْرَجَهُ الَذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إذْ هُمَا فِي الغَارِ إذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وجَعَلَ كَلِمَةَ الَذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا واللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ).