* قد يتصوّر البعض أن أفعال الخير محصورة على فئة الرجال فقط.. ولا يدرون أن الدنيا وناسها بخير.. ففي المجتمع -أي مجتمع- سيدات فاضلات، يحببن فعل الخير كالرجال أو أكثر، ولهن في مجاله الكثير والكثير من الأيادي البيضاء. * ذات مرة كنتُ في القاهرة في مهمة عمل، وأداوم على قراءة معظم الصحف اليومية، وكثيرًا ما كان يستهويني ما يُنشر في عمود (فكرة) بجريدة (أخبار اليوم) للكاتب العربي الكبير الراحل مصطفى أمين -رحمه الله-. * وفي إحدى أفكاره أشار إلى تبرع إحدى سيدات مصر بمبلغ (ثلاثين مليون جنيه مصري) ليلة القدر. * لم أستغرب ذلك، فالدنيا فيها الغنيُّ، وفيها الفقير. وفيها الكريم المحتسب، وفيها البخيل الشحيح. ولكنني غبطتُ هذه السيدة على أريحيتها وطمعها فيما عند الله في شهر الخير والغفران.. وتمنيتُ لو أنني أمتلك أموالاً فأفعل مثلما فعلت.. ابتغاء وجه الله، وطمعًا فيما عنده من جزيل الأجر وعظيم الثواب. * وأسفتُ على أناس بلغوا قمة الثراء، ومع ذلك فصدقاتهم ومشروعاتهم الخيرية لا تُذكر، وإن وجدت فهي لا تتناسب ومكانتهم الثرائية، وما يجب أن يكونوا عليه من البذل والعطاء. فالدنيا فانية، ونعيمها إلى زوال! وصدق الله العظيم في قوله الكريم: (وأنفقوا ممّا جعلكم مستخلفين فيه). * قبل أيام قرأت خبرًا نشرته هذه الصحيفة يفيد (أن سيدة من سيدات إحدى المحافظات الساحلية تبرعت ببناء بضع وحدات سكنية لمجموعة من المحتاجين، إسهامًا منها في رفع المعاناة السكنية التي يعيشونها. * وقد أكبرتُ فيها وطنيتها، وإنسانيتها، وحبها للخير وبذله لمَن يستحقه، واحتساب ذلك عند الله يوم يؤجر كل على ما قدّم من بر وإحسان. * إن هناك العديد من أمثال هذه المواطِنة الفاضلة، يبذلون الكثير من أفعال الخير خفيةً، لا يرغبون إعلانها، أو ذكر أسمائهم تأسّيًا بقوله تعالى: (وما تفعلوا من خير يعلمه الله). * هنيئًا لهذه السيدة، ولمَن سار سيرتها، ولكل مَن رُزق المال ولم ينسَ الإنفاق منه في وجوه البر والإحسان. وبالله التوفيق.