إذا كان من المخجل ألاّ نقوم حتى الآن بإصدار قانون يمنع الزواج من القاصرات، فإن ما هو مخجل أكثر هو محاولة البحث عن جذور دينية لهذه الظاهرة غير الإنسانية. ظاهرة زواج الكهول والطاعنين في السن من فتيات قاصرات هي واحدة من الظواهر المنتشرة في المجتمعات البدائية. وهذا يعني أنه ليس هناك أصل ديني للظاهرة، بدليل أن أحدًا من صحابة رسول الله عليه وآله وصحبه الصلاة والسلام، لم يتزوّج من فتاة قاصرة؛ رغم المدة الزمنية التي تفصل بيننا وبينهم. إن الذين يتّخذون من زواج النبي بعائشة دليلاً على مشروعية زواج القاصرات لم يتوقفوا ولو للحظة أمام الأحكام الخاصة بنساء النبي. كما أنهم لم يتوقفوا أمام حقيقة بسيطة فحواها أن النبي أرحم بالمؤمنين من أنفسهم. وهذا بالتأكيد ما جعل أبا بكر -رضي الله عنه- يتشرّف بقبول طلب النبي بالزواج من ابنته دون مناقشة. لقد توصل بعض الباحثين إلى أن سن السيدة عائشة كان ثمانية عشر عامًا عند زواجها، وليس تسعًا كما هو شائع لدى أغلبية الناس. لكن على فرض أن هذا غير صحيح، فهل يجوز للبعض إضفاء هالة من القداسة على زواج القاصرات استنادًا إلى واقعة زواج النبي من عائشة، وهو أمر لم يقتدِ بالنبي فيه أحد من الصحابة؟ بالمقابل فإنني لا أفهم لماذا لا يتم النظر إلى زواج النبي من خديجة باعتباره سنّة نبوية، رغم أنه الفعل نفسه تكرر من بعض الصحابة كجابر -رضي الله عنه-؟ إلى متى سنختفي وراء الدّين لتبرير مظالمنا؟