في كل مرة يخترق امن الطيران المدني تلجأ الولاياتالمتحدةالأمريكية بدفع الدول إلى مزيد من الاحتياطات ومزيد من إدخال تقنيات جديدة تعيق نمو النقل الجوي وتعقد حياة المسافرين وتجرح حرياتهم الشخصية وقد لا تحقق الغرض المنشود... السعي وراء نظام امني سليم مئة في المئة. والنقل الجوي صناعة حساسة وأي مساس بالسلامة والأمن يثير ضجة عالمية ويحدث تساؤلات في كل الدول عن مدى فعالية الأجهزة الأمنية في التصدي للنوايا العدوانية أياً كانت. ثم أن حوادث الطيران مفجعة ومكلفة ولا يوجد دولة في العالم يجب أن تتهاون في اخذ الحيطة والحذر بأقصى الحدود الممكنة. وما حدث مؤخرا في الولاياتالمتحدةالأمريكية كان حسب المعلومات المتوفرة بسبب إخفاق استخباراتي وليس بسبب الأجهزة فالشخص الذي قبض عليه كان على قائمة الاستخبارات الأمريكية وشركائها في المجهود ألاستخباراتي ولو قامت تلك الدوائر بعملها على الوجه المطلوب لاستطاعت القبض على الشخص قبل ركوبه الطائرة، ولما أثير موضوع الأجهزة الجديدة التي تتحدث عنها حاليا، ولما أعلنت الإجراءات التي تشمل مواطني 14 دولة انتقتهم الاستخبارات لإخضاعهم لتدقيق مشدد أثناء سفرهم إلى أمريكا. وانأ اذكر قبل الحادي عشر من سبتمبر عند ما كنت أمثل المملكة في مجلس منظمة الطيران المدني الدولي، وكانت أمريكا والدول الأوروبية تتذمر من وضع العوائق في طريق النقل الجوي، وما أن حدث ما حدث في 11/9/2001م بسبب إخفاق الأجهزة الأمنية في المطارات الامريكية حتى انتفضت امريكا وجيشت كل دول العالم للتضييق على رعايا الدول العربية والإسلامية وأصبحت المطارات مثل الثكنات العسكرية تبحث في كل صغيرة وكبيرة بدون أي مراعاة لحريات المسافرين ولا احترام لخصوصياتهم. وكخبير ومسؤول سابق في حقل الطيران المدني شاركت في لجنة امن الطيران المنبثقة عن مجلس المنظمة خلال 15 سنة – (1987-2003) فترة تواجدي في مجلس المنظمة- اعلم جيدا مدى أهمية امن وسلامة النقل الجوي ومدى ضرورة حمايته من التدخلات والعبث من قبل العناصر المتطرفة التي تريد أن تمارس إجرامها في حق ابرياء لا علاقة لهم بما يدعون ولكنني اعتقد أن الحلول يجب أن تتم بطرق معقولة وان لا تلجا الدول في كل مرة تخفق أجهزتها الاستخباراتية في التصدي للعناصر التي تستهدف النقل الجوي إلى فرض إجراءات مشددة وموجهة لرعايا دول معينة، وكذلك إدخال أجهزة جديدة تثقل كاهل الصناعة وتعيق نموها، وتصاعد وتيرة الحساسيات بين الدول بسبب استهداف رعاياها دون سواهم. والمختصون في صناعة النقل الجوي يدركون أن هناك ما يكفي ويزيد للحيلولة دون اختراق الحواجز الأمنية في المطارات وأركز هنا على المطارات لأنها بوابة الصعود إلى الطائرات حيث يجب أن يتم إحكام الرقابة على المسافرين بدون استثناء لأسباب مبنية على اللون أو العرق أو الجنسية. وكما قال الكاتب والمحلل السياسي فريد زكريا في برنامجه الأسبوعي على محطة (س ن ن) «فان رفع درجة الخطر كلما حصل اختراق للاحتياطات الأمنية، وأدَعت القاعدة مسؤوليتها عن حادث معين فان ذلك يحقق أهدافها في إثارة الرعب ويعقد علاقات أمريكا مع الدول الأخرى ولا يساعد على القضاء على الإرهاب». وعلينا أن لا ننسى أن هناك ما يقارب من ثلاثة بلايين من البشر يتنقلون بواسطة الجو سنويا، وفي العام الماضي كان عدد الذين فقدوا أرواحهم ما يقارب من ثمانمائة شخص معظمهم بسبب حوادث السلامة وليست حوادث أمنية. اذكر هذا وأنا اقدر أن فقدان شخص واحد يعد خسارة كبيرة يجب تلافيها ولكن الحياة مليئة بالمخاطر وليس بالضرورة أننا نستطيع منع الحوادث بمجرد زيادة الأجهزة في المطارات وتعرية المسافرين بالكامل- بحثا عن المتفجرات- لان العنصر البشري يظل الأهم في عملية الأمن والسلامة وما الآلة إلا من صنع البشر والقصور في الاستفادة منها بأقصى الحدود هو بسبب فعل الإنسان الذي يشغلها ويراقب فعاليتها... والله من وراء القصد . [email protected]