تفضح الكوارث والأزمات الكثير من الممارسات الخاطئة والانتهاكات الصارخة لحق المجتمع المدني والناس عموماً كما وتكشف مستور بعض الأجهزة والقائمين عليها والمستفيدين منها... وهي سلوكيات سوف تستمر وتستشري إذا لم تجد العقاب الرادع والنظام الصارم المانع الذي يكفل العدالة بين الناس ويحفظ حقوقهم وأرواحهم وممتلكاتهم والأمر ينطبق على كافة شؤون الحياة والناس لأن غياب العقاب والحساب يغرى ضعاف النفوس والإيمان – وما أكثرهم – باستمراء التعدي على المال العام وسوء استغلال السلطة والوظيفة والنفوذ فمن أمن العقوبة أساء الأدب. وكنا قد سمعنا منذ وقت مضى عن تقدم – لجنة الأنظمة والإدارة والعرائض في مجلس الشورى– بنظام يتألف من (18) مادة تهدف في مجملها إلى حماية المال العام ولم نعد نسمع عن ما آل إليه غير أننا قرأنا عن دعوة أعضاء مجلس الشورى في العام الماضي إلى الإسراع في تفعيل تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد وتشكيل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد..وللحقيقة فإن المجتمع والوطن في حاجة ماسّه لمثل هذه الأنظمة التي تفرض عقوبات رادعة لمثل تلك الممارسات والتجاوزات التي تطال المال العام وحقوق الأجيال القادمة وهي أمانات ضيعها المفسدون في الأرض والأمانة قد تبرأت منها السموات والجبال واشفقن منها (إن الله ليذعن بالسلطان ما لا يذعن بالقرآن)... ولنا أن نتصور الوضع للمسؤولين في الجهاز الإداري العام وما يضطلعون به من مهام ويديرونه من أعمال وينفذونه من مشاريع.. لو طبق مبدأ (من أين لك هذا؟) على صاحب كل وظيفة عامة يستوي في ذلك مديرو عموم الإدارات والقطاعات وليس القياديون فحسب افتراضاً بأنهم سوف يتقدمون بتقرير يثبت أوضاعهم وما يمتلكون قبل اعتلاء منصب الوظيفة ليكون شرطاً لقبول التكليف والتعيين حينها فقط سيتردد كل مخالف ومرتشٍ ومنتفع من الوظيفة في المضي في طريق الفساد والاعتداء على المال العام لأنه لن يستطيع أن يبرر ما طرأ عليه من تغيير في المستوى المعيشي.... إن تفعيل تنفيذ إستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد وتشكيل هيئة وطنية لمكافحة الفساد سوف يقضي على أولئك الذين يستغلون وظائفهم وسلطاتهم للتكسب وتعطيل مصالح الناس الذين يرفضون الخضوع لابتزازهم والنزول عند رغباتهم وسوف يتحقق الانضباط في المجتمع وسوف تكون مخرجات الأعمال والمشاريع غير ما هي عليه الآن والله خصم تلك النفوس الذي استسهلت أكل الحرام ونسيت أنها إن هي أفلتت من تحقيقات الجهات الرقابية وعقاب السلطة ولم تكن في أوراقها أى ثغرات تفضحها أن الفضيحة الكبرى والعظمى يوم يقوم الإشهاد قال عليه الصلاة والسلام: (يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، والذي نفس محمد بيده إن العبد ليقذف اللقمة الحرام في جوفه فما يتقبل منه عمل أربعين يوماً، وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولى به)،.