فطن خادم الحرمين الشريفين رعاه الله الى حجم الخلل الكبير في مدخلات التعليم العالي من الكوادر البشرية وحجم الخلل الكبير في مخرجاته من تلك الكوادر فاتخذ قراره الحكيم باحياء حركة الابتعاث الخارجي الى مختلف اصقاع العالم المتقدم في محاولة منه حفظه الله ورعاه الى اعادة التوازن واعادة الهيبة والمكانة العلمية لتلك المدخلات والمخرجات البشرية بعد ان فقدتها عقوداً من الزمن نظراً لتدني مستوى الكفاءة لاداء جامعاتنا الموقرة.. وهذا امر لا يمكن انكاره او تجاهله انطلاقاً من تدني مستوى مخرجات ذلك النظام وعدم قدرتها على تلبية متطلبات سوق العمل الذي كان يشكو كثيراً تدني مستوى تلك المخرجات مما دفع بالكثير من المؤسسات الى الاستعانة بالكفاءات المستوردة ودفع بالبعض الاخر من المؤسسات الحكومية والخاصة الى استحداث مراكز تأهيل وتدريب لتلك المخرجات وبعد ان بدأت طلائع تلك البعثات تعود الى الوطن محملة بالمعرفة والمهارة اللازمة لخوض سوق العمل نراه حفظه الله يتخذ قراره بتمديد برنامج الابتعاث الى الخارج لخمس سنوات اخرى بعد ان لمس حفظه الله استمرار حالة الجمود في الحراك التطوري للعملية التعليمية في معترك البيئة التعليمية لجامعاتنا الموقرة وان كان هذا الحكم تحديداً لا ينطبق تماماً على البعض اليسير جداً من تلك الجامعات التي نراها بدأت تخطو بعض الخطوات الخجولة للارتقاء بمستوى مخرجاتها. ويبدو ان تلك الحالة ليست باتجاه الحل ويبدو ان هنالك عقبات مستعصية تقف امام نمو الحراك العلمي لطلابنا وطالباتنا وهي بالتأكيد اصبحت معروفة تماماً للفاحصين والمدققين وذوي الخبرة من المنتسبين لذلك النظام الذين يدركون تماماً بواطن الامور ولكن القرار ليس بايديهم وان حدث ذلك فان المعوقات تبقى اكبر من طموحاتهم. وانا على يقين تام ان نواتج حركة الابتعاث لابنائنا وبناتنا الى الدول المتقدمة ستكون محققة للامال والطموحات علماً ومعرفة ومهارة لكن القلق سيبقى قائماً اذا لم تجد تلك الكوادر مكانها المأمول وبيئتها المناسبة لتفعيل ما اكتسبوه من خبرات ومهارات لذا يستوجب الامر تهيئة البيئة المناسبة القادرة على تحويل طموحاتهم وابداعاتهم الى واقع تعيشه تلك الجامعات ويعيشه المجتمع من حولها. ولعل الحال الذي يعيشه نظام التعليم العام لدينا ليس ببعيد عن حال التعليم العالي فمستوى مخرجاته اصبحت مثيرة للتساؤل ومستوى الاداء لطلابنا وطالباتنا اصبح في تدن مستمر معرفة ومهارة وسلوكاً وهذا الامر ايضاً هو ما دفع خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ورعاه الى وضع حركة اصلاحية شاملة لهذا النظام بدأ حراكها منذ عامين لكن المؤشرات البادئة بالتأكيد ليست مشجعة وتدعونا للتساؤل اين يكمن الخلل؟ ان الاجابة على هذا التساؤل العريض هو بالتأكيد مفتاح النجاح ومنطلق الاستمرار لذلك النجاح وكم اتمنى ان نجد الاجابة لذلك التساؤل بدقة وموضوعية وباسلوب علمي تقوم به جماعات او شركات متخصصة في هذا المجال. لان حالة الخمول وحالة الفشل الممتدة لنظامنا التعليمي العام ستكون نواتجها اكثر ضخامة واكثر ضرراً على العملية التنموية برمتها وسيبقى الحل الاوحد امام تلك الحالة المؤلمة هو فتح باب الابتعاث لابنائنا وبناتنا لتلقي علومهم ومهاراتهم لدى الدول المتقدمة ولعل بوادر ذلك الحل الذي اراه صعباً للغاية قد بدأت تلوح في الافق بعد ان بادر بعض ميسوري الحال بتدريس ابنائهم بمدارس خارج الوطن ولجوء الكثير من اولياء الامور الى الحاق ابنائهم وبناتهم بالمدارس العالمية التي بدأت تتكاثر بصورة لافتة بالاضافة الى اتجاه البعض الى الحاق ابنائهم وبناتهم بالمدارس الاهلية وخاصة ذات المستويات العلمية والتربوية الرفيعة. ان واقع الحركة التعليمية في بلادنا بكافة مستوياتها واتجاهاتها تعيش حالة غير مرضية نظراً لتدني مستوى مخرجاتها ويبدو ان هنالك عوائق مشتركة لابد من الالتفات لها وايجاد الحلول المناسبة لها وهي بالتاكيد ستكون حلولاً جريئة وطموحة وفاعلة اذا انطلقت من فهم شامل لواقع تلك العقبات فالتعليم بكافة مستوياته واتجاهاته هو المحرك الاساسي الذي تقوم عليه العملية التنموية برمتها وتقوم عليه ايضاً ثقافة وقيم وسلوك ومهارات شعب بكامله فهلا تمت تلك الحلول والله تعالى من وراء القصد .