صدر حكم القضاء قبل فترة وجيزة على المجاهر بالسوء والمعصية في قناة إل بي سي، ووجد فيه الكثير من الناس جزاءً وفاقًا لمن لم يمنعه حياؤه من الإفصاح والمفاخرة بارتكاب الفواحش على الملأ، وعلى رؤوس الأشهاد، دون استشعار: (وإذا ابتليتم فاستتروا). كما كانت الأحكام على مشاركيه مُرْضِيةً للكثير من الناس. وهذا الحكم الذي صدر بحق المجاهر، وهو مواطن سعودي مع الأسف الشديد، تمنّى الجميع لو أن أحكامًا مثله تصدر بحق آلاف مؤلّفة من المجاهرين والمجاهرات بالسوء والفحشاء، من السعوديين وسواهم من الوافدين، خصوصًا فئة الخدم والسائقين الذين يكاد لا يمر يوم واحد دون أن تسمع أو تقرأ عن جرائمهم عمومًا، وجرائمهم الأخلاقية خصوصًا. وهم في كل مرة يقرون بما فعلوا. مواطن سعودي بيته شريف، نظيف، عُرف بالدِّين والخُلق، اضطر -كما يضطر غيره- لاستقدام خادمة شرق آسيوية، وعاملها أفضل معاملة، وكذلك فعل جميع أفراد أسرته الصغيرة، وكان يدفع لها أجرها بانتظام، ويزيدها كل ستة أشهر، ويكرمها في الأعياد والمناسبات؛ حتّى أكملت لديه عامين، وقبل أن يسفّرها استقدم خادمة أخرى، فمكثت معها لشهرين، وفوجئ بالخادمة الأخرى توقظه وزوجته من النوم صباحًا وهي تصيح، وطلبت منهما أن ينقذاها من الخادمة القديمة التي تريد أن تجرها إلى الفاحشة، وكان في يدها جوال، حاولت القديمة انتزاعه من يدها بالقوة، ولم تستطع، وأخذه ربُّ الأسرة؛ ليرى فيه من الصور الإباحية ما تقشعرّ له الأبدان، وعلى حد علمهم أن هذه الخادمة ليس لديها جوال، ولمّا أن ضغطوا عليها أقرّت بأنها تستدعي رجلاً في غيابهم، وتدخله إلى منزلهم!. تلك حالة بعينها لواحدة من الخادمات، اللاتي إن قُبض عليهن فلا يكون جزاؤهن إلاّ الإبعاد، وعلى نفقة الكفيل، كما يقول الشاعر: وجرم جرّه سفهاء قوم وحلّ بغير جارمه العذابُ فلا يكفي تحميل المواطن كل تلك الأعباء الباهظة، من رسوم التأشيرة، وتكاليف الاستقدام، وإصدار الإقامة، والكشف الطبي، بل يُزاد عليه تكاليف تذكرة السفر لخادمته؛ لمجرد أنها مكفولته بعد ثبوت التجاوزات الأخلاقية عليها، ومثل هذه الحالة كثير لا يُحصى. وإن كنا بصدد الحديث عن المجاهرة بالسوء، وضرورة تطبيق العقوبة الرادعة على المجاهرين والمجاهرات كائنين من كانوا، فلابد من أن نذكر ما شهدته وسائل الإعلام مؤخرًا من ضجة حول ما دعت إليه إحدى الإعلاميات من السوء والفحشاء، حين قالت صراحة إنها ترغب في تعدد الأزواج، قياسًا على تعدد الزوجات، وإنها لا تمانع في أن تتزوج بأكثر من رجل في وقت واحد، وكان أن رد عليها كثير من الكُتَّاب من داخل المملكة وخارجها في الصحافة المحلية والخليجية، ومنتديات الإنترنت ووسائل الإعلام المختلفة، ما بين مسفّهٍ لأحلامها، وساخرٍ بها. وما كان منها إلاّ أن فرحت بكل تلك الردود، وقالت سفهًا وعتهًا إنها استطاعت أن تتسبب في حِراك الساحة الإعلامية. وللأسف، فإن هذه المجاهرة من بني جلدتنا، كما أن المجاهر الأول من بني جلدتنا كذلك، لذلك يكون من غير العدل أن ينال جزاءه كما يستحق، وأن تُترك لتعيث في الإعلام فسادًا، علمًا بأن ما أقدمت عليه أشد وأنكى ممّا أقدم عليه المجاهر -في تقديري- وفي كل سوء، وأي سوء. فقد صرّح المجاهر بعلاقة بين رجل وامرأة غير شرعية، يمكن أن تصبح شرعية بالزواج. أمّا ما تحدثت عنه المجاهرة، فعلاقة شاذّة لا يبيحها أيّ دين سماوي، وتستنكرها الطبيعة، والفطرة الإنسانية. لَكَمْ نتمنّى أن تطال العقوبة الصادقة كل المجاهرين والمجاهرات بالسوء، الذين تزداد أعدادهم باطّراد في مجتمعنا المسلم، سواء كانوا مواطنين أو وافدين، حرصًا على نظافة المجتمع وطهارته.