ما كل ما يتمناه المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن كثيرة تلك اللحظات التي نظل نحلق فيها بفضاءات الخيال.. نبني آمالاً وأحلاماً نرجو تحقيقها.. نرجو تجسيدها على عالم الحقيقة.. ولكن للأسف سرعان ما تصطدم أحلامنا الوردية بحواجز الدهر القاسية.. تقف بوجهها تكشر عن أنيابها تمنعها المرور بكل ما أوتيت من قوة.. لا ندري لمَ كل هذه العقبات التي تعترضنا؟؟! أهو صعب أن يحقق الإنسان ما يتمناه؟؟! أم أننا حقيقة دائما نأمل فيما هو صعب المنال والنوال؟؟! يا لها من لحظات تحجب فيها الغمامات السوداء وجه السماء الصافية.. تحجبنا حتى عن أنفسنا لحظات شاردة.. نتمنى لو لم تكن.. وأن الزمن عقيم بمثلها.. نتمنى لو أننا قبضنا عليه بكلتا أيدينا وألقينا بها في قرار العدم.. يا لها من كلمات قاتلة أثقلت كاهلنا.. وأضرمت النار بكل كياننا.. لحظات نظل ننتظر فيها قطرة ندى تنهمر على أرض طال عطشها لتحيا وتزدهي من جديد.. ننتظر فيها شعاعاً من نور يحول عتمة حياتنا إلى ضياء مشرق نخرج به إلى الحياة.. ننتظر فيها يداً حانية تكفكف دمعاً بريئاً براءة المياه البيضاء.. ظل ينساب على أجمل وجنتين.. سنوات قضيناها من أعمارنا ننام ونصحو فيها على أوهام ما تلبث أن تتلاشى سريعاً سنوات وشهور وأسابيع وأيام وساعات ودقائق.. نسجنا خيوطها من قصص سعادة حالمة ونحن في الحقيقة لم نذق طعمها.. يا لها من لحظات جعلتنا نيأس حتى الموت.. فقد كرهنا أنفسنا ألف مرة لضعفها أمام تلك العقبات الكؤودة لدرجة الخذلان.. وها نحن نهرب بأحلامنا من عالم الواقع المرير إلى عالم الوجد وروعة الحياة.. نبني على أرض الخيال قصوراً ثلجيةً لنعزف على قيثارة الحب أجمل لحن للوفاء.. نتعايش مع تلك اللحظات الجميلة.. نتلاحم مع دقائقها وثوانيها. نسينا أننا في هنيهات الأحلام الوردية.. نداعب طيوفاً ساحرةً.. وخيالات بهية.. يا لها من سعادة.. كم تمنينا هذا اللقاء.. وكم تمنينا هذه اللحظة الربيعية.. فلقد جُلنا البحار وقطعنا القفار ورحلنا من دنيا إلى دنيا باحثين عن أجمل لحظة في الحياة.. هي لحظة تحقيق الأمل وبلوغ الأمنية.. ولكن عقب صحوة عفوية.. إذ بنا نتجرع مرارة الحقيقة الأليمة.. ونرى أن سعادتنا التي طالما تعايشنا معها.. وآمالنا التي سكنت بأعماقنا ما هي إلا غفوة حلقنا فيها في فضاءات الوجد الرائعة ما لبثت وأن تلاشت.. للأسف نعم تلاشت.. خيرية الأدماوي - جدة