** كان الدكتور طه حسين -رحمه الله- يتمتّع بحسٍّ حضاريٍّ كبيرٍ، وذوقٍ إنسانيٍّ مرهفٍ، وخلقٍ رفيعٍ في التعامل مع الآخرين، وفي الوقت نفسه كان يتمتّع برؤية نافذة، لا تخيب في الأشخاص الذين يتعامل معهم؛ وله فيهم حدس ورؤية لا تخيب..!! ** كان رأيه مصيبًا في عدّة أشخاص رأى في إكمالهم للدكتوراة، وجعلهم أساتذة في الجامعة لا يتوافق ومعطياتهم الخلقية؛ من زاوية أنّ بعضهم مهتزّ نفسيًّا، فيه خلل نفسي مثل: “زكي مبارك”، والآخر شرس الطباع، من الممكن أن يؤذي الآخرين بسلوكه الخلقي الحاد المتعدّي: “محمود شاكر”.. ويبقى الثالث “محمّد نجيب البهبيني” فهو لا يبعد عن الاثنين السابقين.. أحسن طه حسين بإبعاده هؤلاء.. وأكّدت الأيّام صدق نظرته في مجنون ظهر خلله العقلي مثل: “زكي مبارك”، أو شرس يتعالى على النّاس مثل: “محمود شاكر”.. أو غيرهما..! ** وكانت رؤية طه حسين نافذة وفي مكانها.. وهو اللطيف الذي أثنى على تعامله الحضاري الأستاذ: “أنيس منصور” وأنصفه في هذه النّاحية من أستاذه الذي يحبّه ويجلّه أنيس منصور، وهو الأستاذ: العقّاد..!! ** أمّا رؤية طه حسين الأخرى فكانت نقديّة نافذة حين فاضل بين شعر: إبراهيم ناجي، وشعر: علي محمود طه؛ فرأى أنّ شعر ناجي ضعيف، به خور، وشعر علي محمود طه يتّسم بالقوّة. وهي رؤية حقيقية، أثبتت الأيّام صدقها..!! ** إنّ طه حسين حضاري إنساني؛ له تعامله الراقي حتّى مع الأدباء غير المصريين؛ فلطالما جامل أدباء سعوديين، وكتب مقدّمات، أو تقريظًا لبعض كتبهم، وما ذلك إلاّ لشعوره بأبوّته الأدبية الحانية للأدباء العرب.. إنّه أديب العرب البارز الذي يكنّ الودّ والاحترام للجميع؛ إلاّ مَن رأى أنّ خلقه لا يستوجب ذلك.. إنّه حامي الأخلاق، كما كان حامي الأدب والحرف العربي.