عن النادي صدر العدد الحادي والعشرون من مجلة دارين؛ الفصلية الثقافية (ديسمبر 2009). وقد جاء العدد يحمل بصمة الفنان عبدالرحمن السليمان من حيث الغلاف والرسوم الداخلية. وتوزّعت مواد العدد بين النقد والفكر والشعر والسرد والتشكيل والترجمة وكتابة الأسفار. في افتتاحية العدد يكتب محمد الدميني، مدير التحرير، عن مؤتمر الأدباء السعوديين الثالث. يتناول فيه ضرورة عقد هذا المؤتمر الأدبي الذي يضع فيه المثقفون والأدباء مطالبهم ورؤاهم. نقرأ في هذا العدد ملفًّا بعنوان محمد العلي في قلب الضوء، وهو مخصّص لتجربة العلي الشعرية في ديوانه «لا ماء في الماء» الصّادر مؤخّرًا عن نادي المنطقة الشرقية الأدبي. اشترك في هذا الملف: علي الدميني (سيميائية المدن في مسيرة محمد العلي)؛ د.سعيد السريحي (ليلة البقبض على شوارد العلي)؛ د.سعد البازعي (محمد العلي.. الشعر في الماء)؛ د.علي الشبعان (استعارة الظمأ.. سيميولوجيا الخطاب الشعري لدى محمد العلي)؛ د.عالي سرحان القرشي (العلي.. ريادة الحداثة وإبداع التشكيل)؛ جاسم الصحيح (محمد العلي.. شاعر الانفعالات المثقّفة بامتياز)؛ شفيق العبادي (زرقاء اليمامة). في باب النقد والفكر نقرأ للدكتور أيمن بكر «قراءة في قصيدة النثر السعودية.. قصيدة التناقض والعزلة» وفيها يتابع عبر الشواهد النصيّة وعي شعراء قصيدة النثر في المملكة العربية السعودية الذي يمتاز بحسب الدراسة بدرجة لافتة من التعقّد الإيجابي في إدراكه العالم.. ويكتب علي الشدوي «ما قبل الفلسفة.. حالة المجتمع السعودي» وهي نواة لكتاب بهذا العنوان يتكلّم فيه دون مداورة ولا توقٍّ عن الفلسفة وعن المجتمع السعودي الذي تهيمن عليه نظرة واحدة؛ تسيّره في علاقاته مع الذات ومع الآخر. وتأتي الدراسة في شكل شذرات تعطي في مجموعها الأثر الذي أراده صاحب الدراسة.. ويتوقف بنعيسى بوحمالة في مقاله «مراسيم الإقامات العالية« عند الشاعر راينر ماريا ريلكه (1875 1926) ويرى أن تراث ريلكه الشعري الحافل ينتمي إلى المنطقة الأكثر تغوّراً وشائكيّة في جغرافيا الكتابة والتخيّل والاستبصار.. ويقارب فؤاد أفراس موضوعة «الشعر والصمت» حيث يفرّ الشعر عن أي تحديد أو حصر فهو دوما يرفد من شسوع الوجود وإمكاناته غير المتناهية من التشكّل والتكوّن والتخلّق.. كما يعرض سمير أحمد الشريف في مقاله «الأب ووجوهه المؤلفة« قراءة لرواية «اتجاه البوصلة» لنورة الغامدي، ويخلص إلى أننا في الرواية بإزاء صورة من صور الوجع الإنساني وأمام حالة حنين إلى فردية مفقودة وبحث عن مملكة جديدة للأمل.. ويكتب عبدالوهاب أبو زيج عن كتاب «من يعلّق الجرس» للناقد فايز أبا وهو من إصدارات النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية، ويصف أبو زيد الكتاب بأنه قراءة عادلة في المنجز الأدبي. وفي السرد والشعر نقرأ في هذا العدد :الفراشة لعبدالله الصيخان؛ أغنية جلجامش لثريا العريّض؛ أيام لم يدّخرْها أحد لمحمد الدميني؛ قصائد المحبة والغزل لهاشم الجحدلي؛ صديق يشحن بطارية قلبه كل خمس عشرة دقيقة لمحمد الحميد؛ تحليق حر لصلاح القرشي؛ جدي أخذَ لحيته معه إلى القبر لعبدالرحمن الشهري؛ غرق ناعم يهمي علي لأحمد العلي؛ الحكاية لعبدالله الهمل؛ سلمان لعبدالله العقيبي؛ أسند ظهري على كرسي خشبي وأتمتم بأشيائي لحسين آل دهيم؛ وصية بو لحسن رياض؛ وقصص قصيرة جدا من توقيع: عبدالله التعزي. ومن الترجمات في هذا العدد: الجزء الثاني من حوار مجلة «باريس ريفيو» مع خورخي لويس بورخيس ( ترجمة عبدالوهاب أبو زيد)..ونقرأ حوارَ ليالي الشعر المؤرقة مع تشارلز سيميك (ترجمة د. عادل ضرغام).. كما يترجم أمين صالح حواراً مع المخرج الإيراني عباس كيارستمي، وقد أُجري الحوار معه بمناسبة حصوله على عضوية معهد الفيلم البريطاني.. وكذلك نقرأ قصة جريمة أمومة للكاتبة البريطانية فاي ويلدون(ترجمة عصام محمد الجاسم). ويكتب عبدالرحمن الموكلي عن جيزان « جيزان.. تقشير النجوم في لياي الأعراس» حيث يبقى حب الحياة في جيزان أفضل طريقة للوقوف في وجه من لا يدركون حقيقة الحياة وجمالها. وتظل هذه المدينة في نظر الموكلي صلةً موصولة بالروح: نعم حينما أقول جيزان يمدّني الشِّعر مدّا بالفرح والحزن بالغنى والفقر بالوجوه الحاضرة والغائبة. وباب الحوار في هذا العدد مع الباحث خالد الرفاعي، أجراه طامي السميري، حول الرواية النسائية السعودية، والباحث له كتاب بالعنوان ذاته يقرأ فيه الرواية النسائية؛ تاريخا وموضوعا وقضية وفنا. الرفاعي يتعرّض بجرأة للمنتج النسائي في الرواية ويلاحظ أن الضعف الفني «يفترس» الرواية النسائية المحلية. ويرى أن التحزّب النقدي الذي يغضّ النظر عن القيم الجمالية للنصوص هو أحد مولدات أزمة النصوص النسائية. كما أنه بسبب ضعف الموهبة فإنّ الموضوع العاطفي في رواية المرأة السعودية لم يثمر رؤوية إنسانية عميقة.. أما الحوار الثاني فهو مع الملحن والأكاديمي عدنان خوج، أجراه خالد ربيع السيّد، حول مسيرته الفنية ودراسته الموسيقى في باريس وحول دراسته لصوت الفنان طلال مدّاح والعلاقة التي ربطته به «. يقول خوج عن طلال أنه طاقة صوتية لا مثيل لها في بلادنا وهذه الطاقة مدعّمة بالحنان والعذوبة والقوّة والإحساس الصّادق.. والحوار الثالث مع الناقد والمترجم حنّا عبود، أجراه نضال بشارة، وفيه يتحدّث عن تجربته الغنية والمتنوعة. يتطرّق الحوار إلى الشعر.. وإلى الوجود الشعري الذي يدعم الوجود المادي ويجعله في خدمة الشعر، ومن هنا تبدأ الحرية بينما الوجود المادي الخالي من الوجود الشعري لا يؤدي إلا إلى الاستعباد والتشويه. ملف التشكيل في هذا العدد يكتبه عيد الخميسي عن الفنان عبدالناصر الغارم: نحو فن تنتجه الحياة، صناعته تتم داخل حقولها.. ويعرض الخميسي لتجربة الغارم في مشروعه التشكيلي «منزوع» حيث يطرق الفنان تجربة جديدة في التشكيل المحلي وهي فن الأداء. في هذه التجربة لا يغدو الأثر الفني الناتج منها على هيئة صور فوتوغرافية أكثر من توثيق وريبورتاج لما عاشه الفنان من تجربة فنية وإنسانية بين أهالي قرية العشيمة؛ إحدى قرى محافظة جيزان والتي صنعت مشروع «منزوع». «أسفار» العدد عن اليابان يكتبها غسّان الخنيزي في مشهدين أو ثلاثة؛ بلد منبت الشمس بسياقاته المتعددة لكنها قادرة على التعايش والاستمرار في الحياة؛ إنتاجا وإبداعا وتطويرا وتحسينا. بعين الشاعر المدقّقة التفصيلية يلتقط الخنيزي المشهد الياباني في أزيائه ولغته وحدائقه وخطوطه المرسومة بالريشة وقصائده الهايكو ويزور التاريخ العاصف في هيرشيما. وفي الصفحات الأخيرة من العدد تقتطف المجلة جزءا من إطلالة نقدية لفاروق يوسف على أعمال الفنان عبدالرحمن السليمان؛ الذّاهب بالمفردة التشكيلية إلى بيئتها الأولى.