سمعنا تصريحات البعض التي تدعي بتدخل المملكة العربية السعودية في الشئون الداخلية لليمن. هذه الأصوات التي تحاول زرع الفتنة بين البلدين الشقيقين المملكة العربية السعودية واليمن هي أصوات نشاز لأمرين. الأمر الأول لقلتها فمعظم المتابعين لمواجهات الجيش السعودي مع الحوثيين الخوارج يرون عكس ذلك. فالمملكة العربية السعودية لم تهاجم الأراضي اليمنية البتة. وإنما تقف القوات السعودية موقف الدفاع عن أراضيها. وليس لها مطالب لدى هذه العناصر الخارجة سوى الانسحاب خارج الحدود السعودية. فلو كان هناك تدخل في الشؤون الداخلية لليمن لكان للمملكة العربية السعودية مطالبها الخاصة التي ترى أنها ستمنع مثل هذا التسلل في المستقبل. كأن تقوم المملكة بقصف هذه العناصر الخارجة داخل الأراضي اليمنية. وهذا لم يحدث البتة. هذا المطلب نراه في تصريح صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز مساعد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام للشؤون العسكرية عندما قام بزيارة تفقدية الثلاثاء المنصرم لعدد من الوحدات العسكرية على الشريط الحدودي وأكد أن المملكة العربية السعودية تقف موقف المدافع عن أراضيها. حيث يقول سموه « نعم إنهم ابتلونا بأنفسهم وأصروا على مواصلة الابتلاء حينها كان لزاما على المملكة العربية السعودية ان تدافع عن سيادتها وسلامة أراضيها ومقدساتها ومقدراتها وكافه مواطنيها «. كما يقول سموه « واعلموا أيها الأبطال الصناديد بأنكم تقومون بمهامكم بكل نجاح وها انتم تقفون على أهبة الاستعداد لصد كل من تسول له نفسه بالاعتداء على بلادكم الغالية واستمرار مغامراتهم الطائشة ضد حدودنا الدولية. «. أما الأمر الثاني الذي يدلل على نشاز مثل هذه الأصوات ويبين أنها لا تعدو أن تكون أصوات فتنة أن القول بتدخل المملكة العربية السعودية في الشئون اليمنية الداخلية لا يتفق مع الخط الثابت للسياسة الخارجية السعودية. وكل من لديه معرفة ولو بأبجديات السياسة الخارجية السعودية يعرف هذا الخط جيداً. فحكومة المملكة العربية السعودية منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود حفظه الله إلى اليوم لا تتدخل في الشئون الداخلية لأي بلد مهما كان قريباً. كما أنها لا تسمح لأي كائن من كان أن يحاول التدخل في شؤونها الداخلية. يقول سموه: «أيها الإخوة والزملاء لقد أعلنها سيدي خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ورعاه بأننا لا نسمح لأنفسنا بالتدخل في الشؤون الداخلية لأي احد من جيراننا وأصدقائنا وفي نفس الوقت لا نسمح لكائن من كان بالتعدي على شبر واحد من أراضينا وقد ترجمتم تلك التوجيهات عمليا على الأرض بأن دحرتم المعتدين وحافظتم على السيادة دون التدخل في حدود الشقيقة الجمهورية اليمنية. «. هذه الفلسفة السياسية المتزنة والثابتة أعطت للمملكة العربية السعودية مصداقية على مسرح السياسة الدولية. فكم من الفتن مرت على العالم منذ تأسيس المملكة العربية السعودية ولم يتضح أن للمملكة أيدي خفية أو أيدي ملطخة بالدماء في أي بقعة من العالم. بل على العكس تماماً نجد المملكة سباقة دائماً إلى حل المنازعات الدولية سواء أكانت عربية أو إسلامية أو حتى عالمية. فمن اتفاق الطائف إلى القضية الفلسطينية إلى الحوار بين الشرق والغرب. والقائمة تطول. فدولة هذا ديدنها لا يمكن أن تتدخل في شئون الغير. لأن الدول التي تتدخل في شئون غيرها لا تحرص على استقرار الغير. فهذا الاستقرار سيمنعها من فرصة التدخل. الأمر الآخر الذي يؤكد احترام المملكة للسيادة اليمنية وعدم التدخل في شؤونها الداخلية رفض حكومة المملكة العربية السعودية التفاوض مع الحوثيين. فلو كانت المملكة العربية السعودية تتدخل في شؤون اليمن ولا تحترم سيادته لتفاوضت مع هذه العناصر بما يحقق لها مصالحها الخاصة. لكن المملكة رفضت التفاوض لما فيه من اعتراف بهؤلاء وهذا يعتبر إساءة لليمن. الأمر الثاني أن المملكة العربية السعودية ترى أن هذه الفتنة الحوثية فتنة يمنية داخلية. وحين انسحاب هذه العناصر من الأراضي السعودية سينتهي دور المملكة الذي لم يتجاوز دور المدافع عن أراضيه. وهذا قمة الاحترام للسيادة اليمنية. هل بعد كل هذا نجد من يقول إن حكومة المملكة العربية السعودية لا تحترم السيادة اليمنية وأنها تتدخل في شئون اليمن الداخلية! وإذا وجدت مثل هذه الأصوات النشاز يجب أن نعي أنها أصوات فتنة تريد أن تزعزع العلاقات الطيبة بين البلدين الشقيقين السعودية واليمن ولكنها لن تنجح في هذا المسعى..