تعود بي الذاكرة إلى مطلع عام (1403ه) تقريبًا، عندما دلفت الصحافة الورقية إلى مركزَي (العرضيتين) بمحافظة القنفذة، حيث كانت جريدة «المدينة» في مقدمة الصحف، ومن ذلك التاريخ و»المدينة» تقوم بدورها في خدمة المركزين، حيث عمدت إلى بث رسالة (وعي وتثقيف) لشرائح المجتمع كافة. وإن أنسى فلا أنسى (ملحق الأربعاء الثقافي) الذي نزع بي إلى عالم الأدب والثقافة، وأذكى في داخلي جذوة الشِّعر، ونمَّى فيَّ جماليات القراءة والكتابة. لا تعجبوا إن كان (الأربعاء) مصدرِي وغيري لعالم الثقافة، فلم تعرف العرضيتان وقتها المكتبات، ووسائل الاتصال، حتى البثَّ التلفزيوني كان شحيحًا، بل كانت الثقافة نكرة غير مألوفة ! إلا أن (الأربعاء) اضطلع بمسؤولية الإثراء الثقافي تجاه من رام وصل الأدب والثقافة، وعلى هذا لم تنقضِ سنوات أربع حتى أثمر الغرس، حيث نشرت المدينة أولى مشاركاتي عام (1407ه) وهي رسالة تحمل شكوى لوزير الكهرباء من تأخر إطلاق التيار الكهربائي ضمن مشروع كهرباء تهامة العام. ومضت علاقتي بالأربعاء بين مد وجزر ثم أخذت العلاقة منحىً تصاعديًّا حيث شهدت بدايات الألفية الجديدة أولى مشاركاتي (الشعرية) على صفحات الملحق وتوالت بعد ذلك، ثم كانت النقلة التطويرية للمدينة قبل سنتين حيث فتحت صفحاتها للقارئ ليكون مشاركًا لا قارئًا فقط، واتخذت لذلك شعار «صوتك قلمنا»وهنا اُستُفِزَّ قلمي ! كيف لا، والمدينة أضحت غادة يطلب كفها الخاطبون ؟ حيث كان لي شرف المشاركة في (منتدى القراء) أوَّلاً، ثم في صفحة (الرأي) التي استمرت فترة (الإحماء) بها ثلاثة أشهر حتى كان يوم الإثنين 29/1/1430ه حيث كانت بداية (الانتظام) في الكتابة عبر صفحات المدينة الغراء، واليوم (الجمعة 29/1/1431ه) تنقضي سنة كاملة على هذه التجربة الممتعة والمتعبة. سنة تولَّت تعلَّمت فيها الكثير عن الكتابة الصحفية وبقي الكثير، عرفت فيها عن هموم الصحافة ما لم أكن أعرفه، تعرَّفت على ماهية المسؤوليات الملقاة على الكاتب تجاه دينه ووطنه، تعرفت على كيفية تقليب الكلمة على وجوهها المحتملة قبل اندلاق حبرها، تعلمت ضرورة التثبت من صحة المعلومة والرجوع إلى مصدرها، عرفت مدى ما يعانيه أخونا (عبدالقادر رضوان) وزملاؤه وهو يتفحص الأحرف قبل الكلمات، تعرفت من خلال المدينة على ضرورة المصداقية مع القراء، تعلمت منها معنى احترام القارئ أيًّا كان مستواه، وسعدت بإدخال البهجة على نفوس بعض القراء ممن تعنيهم المقالة، وسعدت بردود الأفعال الإيجابية من خلال موقع الجريدة أو البريد الخاص، دفعت من خلالها برؤىً تزاحمت في صدري ما كان لها أن تخرج لولا فسحة الأمل (المدينية)، شرُفت بمجاورة كُتَّاب لهم قَدم سبق في ميدان الكلمة الصادقة، شرفت بمهاتفة كُتَّاب من صحف أخرى لهم مكانتهم في عالم الكتابة الصحفية، ومقابلة بعضهم، وأحسب أنني بيَّنتُ (مع غيري) معاناة العرضيتين مع (مثلثات الموت) حتى تم حلها جزئيًّا، وأوضحت (تردِّي الخدمات الصحية) بها حتى وقف الوزير بنفسه عليها. وبعد... فمكارم (المدينة) جمة، والتجربة رائعة، وإن كانت على حساب الوقت والصحة أحيانًا، إلا أنها تذوب في بحر النفع المؤمَّل للمجتمع، وتتلاشى في سلامة المقصد ونُبل الهدف. وقفة : لماذا تُكثِر الأُسَر من الصلاة والتضرع وقت الاختبارات، وهم يعلمون بدءها منذ فترة، ويعلمون أنها ستنقضي ؟ أليس خوفًا من رسوب الأولاد و(بقائهم) في صفوفهم ؟ وكذلك الخسوف، والكسوف -كما هو مشاهَد اليوم- نصلي ونتضرع خوفًا من (ثبات) الاقتران، ولو حصل الثبات فمَن سيأتينا بليل للسكون أو ضياء للانتشار غير الله؟ فلا تغيبوا الحكمة الإلهية بالتصادم مع المنجزات العلمية. [email protected]