“يطل علينا الليلة فارس نبيل، صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز، نائب رئيس الحرس الوطني للشؤون التنفيذية، الذي بسط كفيه للعمل العسكري والأداء الثقافي.. فأهلاً وسهلاً ومرحباً به بين محبيه وعارفي فضله”. بهذه الكلمات المعبّرة، رحب عبدالمقصود خوجة في “الاثنينية” بجدة مساء أمس الأول، بالضيف الكبير الأمير متعب بن عبدالله، والذي كان محل الاحتفاء والتقدير، وسط حضور غفير من الشخصيات والمسؤولين والمثقفين ورجال الإعلام. وأضاف خوجة في كلمته الترحيبية: إن الحديث عن الأعلام الكبار مدعاة لاستدراج مفردات اللغة إلى منحى خاص يخرج بها عن نمطية التداول رقياً إلى مصاف الطلاوة البلاغية.. ففارس أمسيتنا أرّخ لقاموسه الخاص ومسيرته في الحياة عندما أدرك بحكم ذكائه الفطري وشفافيته أن بوصلة مستقبله تشير إلى أكاديمية “سانت هيرست” العسكرية الملكية ببريطانيا.. فشد الرحال إليها مفارقاً جامعة الملك سعود، وعندما نسمع عن كلية “سانت هيرست” يتبادر إلى أذهاننا فوراً العدد الذي لا يستهان به من الملوك والرؤساء والقادة الذين تخرجوا فيها ليشقوا طريقهم نحو توطين المعرفة لخدمة أهدافهم السامية نهوضاً بأوطانهم وتحليقاً بها نحو آفاق التقدم والازدهار بموجب ما اكتسبوه من قيم معرفية وسلوكية لا تقتصر على الانضباط، والمسؤولية، والالتزام فقط.. وهكذا اغتنم فارس أمسيتنا هذه السانحة ليعود “جندياً” أنضجته التجربة، وغذّاه العلم، واحتك بكثير من قيادات المستقبل في مختلف بلدان العالم. وأكد خوجة أن أعباء سموه الكريم كبيرة يدركها كثير ممن يتتبعون إنجازات الحرس الوطني وقيادته ومسؤوليه.. ولن أطيل في هذا الجانب، الذي يستحق أكثر من أمسية دون أن نفيه حقه بحثاً وتحليلاً.. .. إن مهرجان الجنادرية محاولة جادة لكسر جليد السياحة الداخلية، ودعوة مباشرة للآخر للوقوف على حضارتنا، وأساليب حياتنا، وفنون معمارنا، بالإضافة إلى الندوات الثقافية والفكرية، والمحاضرات، والأمسيات الشعرية، التي يشارك فيها نخبة مميزة من المختصين.. وكل ما يتعلق بتراث أمة تركت وسماً في ذاكرة التاريخ.. ومما لا شك فيه أن أوبريت الجنادرية، مع ما يصاحبه من موسيقى ورقصات شعبية، قد بعث برسالة عميقة المضمون إلى كل من نصّبوا أنفسهم حماة وحراساً لقيم توهموها في مخيلاتهم، ولا مكان لها على أرض الواقع.. فانبجست بتلك الرسالة إشراقات نور أثرت بشكل إيجابي في مسيرة العمل الثقافي بمعناه الواسع. أخوة كرام ضيف الاثنينية المحتفى به صاحب السمو الملكي الامير متعب بن عبدالله، قال: أنقل لكم تحيات سيدي خادم الحرمين الشريفين وتحيات سيدي سمو ولي العهد وعندما كرمني الأخ العزيز الشيخ عبدالمقصود خوجة بأن أكون ضيف الاثنينية ذهبت إلى سيدي خادم الحرمين الشريفين لأستأذن منه في الذهاب إلى جدة، فسألني فقلت له إني ذاهب لأجتمع مع أخوة كرام بدعوة كريمة من أخي الشيخ عبدالمقصود خوجة، قال لي خادم الحرمين الأخ عبدالمقصود خوجة أخ عزيز وهو من أبناء هذا الوطن المخلصين الذين لهم أيادٍ بيضاء نعلم عنها ونعلم ماذا يعمل ونعتز بوطنيته ونتمنى له التوفيق وبلغه تحياتي.. وحضوري هذه الليلة ليس لأتحدث عن نفسي فأنا رأيت أمسية سابقة كان ضيفها سيدي الأمير مقرن بن عبدالعزيز رئيس الاستخبارات ولن أطيل في الحديث ولكن دائما أشعر أن اللقاء مع الأحبة أحب أن يكون عن طريق الأسئلة وأرجو أن يسمح لي أخي الشيخ عبدالمقصود بأنه من عادتي الشفافية ومن عادتي هي حرية الرأي ومن عادتي أن اسمع ومن عادتي أجيب بما أستطيع أن أجيب عنه، ولهذا أرجو أن نسأل ولا نتقيد بالأسئلة فكل من يريد أن يسأل أي سؤال كان المهم ألا يظهر أحد من هذه الأمسية ويكون في داخله سؤال لم أجب عليه، أرجو انكم تأخذون حريتكم الحرية التي أعطانا إياها سيدي خادم الحرمين الشريفين وجعل الشفافية للحوار في كل منطق وفي كل اجتماع دائما يدعو إلى الحرية المقبولة أو الحرية التي دائما نشعر فيها في كل خطاباته ولذا لن أطيل في الحديث ولن أتكلم عن نفسي فقد تكلم عني مقدم الحفل.. أنا سعيد جداً بوجودي معكم.. أتمنى إن شاء الله أن يكون في وجودي معكم إضافة في هذه الاثنينيات التي سبقتني والتي كان فيها من الرجال العظماء الذين يشرفني أن أكون أحد هؤلاء الجنود الذين يشرفهم أن يحموكم أو يقفوا معكم في أي موقف يستطيع أن يخدم هذا المجتمع، أتمنى لكم التوفيق وأنا تحت أمركم في أي سؤال وطبعا الضيف في حكم المضيف فسأترك الموضوع لأستاذي عبدالمقصود خوجة. وبعد هذه الكلمة من سمو الأمير متعب، علق عبدالمقصود خوجة قائلا: شكرا سيدي الأمير اعتدنا في الاثنينية على موضوع الحوار وتأسيا بما أرساه خادم الحرمين الشريفين من فتح الحوار في كل أمر وفي كل موضوع وحوارنا عادة يكون عن طريق الأسئلة. المعطاني: قيمة التراث وتحدث الدكتور عبدالله المعطاني قائلا: إن قيمة التراث العربي والإسلامي أن نحوّله إلى حاضر معاش يتدفق في شرياننا ويسري في كياننا لأن لدينا كنوزاً معرفية وثقافية لا تقدّر بثمن انفردنا بها بين أمم الأرض وعلينا واجب كبير في أن نعمل على قراءة هذا التراث دون تحيز أو مواجهة أو حفائض اصرارية سابقة.. إن منهج التكامل والمواءمة بين ثقافتنا الحاضرة والماضية واتساع وفاضنا لقبول الآخر بما لا يمسخ هويتنا ويخترق شخصيتنا هو مطلب حتمي لرسم أبعاد حضارية متجاوزة وتنمية فكرية ومعرفية مؤثرة. وإن قراءة التراث قراءة واعية منصفة تمثل قوة تخدم أهداف الأمة العربية والإسلامية لتحقيق ذاتها ورسوخ كيانها رداً على غربان الفكر ومثبطي الهمم الذين يسمون تراثنا بالتخلف والجمود ويغمزون العلماء والباحثين المسلمين مثل البخاري ومسلم والأفغاني والإمام محمد عبده تحت شعار تجديد التراث وهم يسعون الى هدم التراث وقتله شر قتلة ولعل المجال لهذا الحديث في غير هذه الليلة التي نحتفي فيها بفارس عربي أصيل هو صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز الذي أخلص لرسالة أمته واجتهد في بناء تراثها وحرص على مد جسور معرفية بين الحاضر والماضي من خلال معلم من معالم الفكر وساحة من ساحات الثقافة الاصيلة إنه مهرجان الجنادرية الذي عايشته ما يقارب عشرين سنة ونيف كنت خلالها مشاركا في الفعاليات ولجنة المشورة وإدارة الأمسيات الثقافية والأدبية.