لأنني من الجيل الذي تفتحت عيناه على الحياة في بداية حقبة الثمانينيات ، فإنني واحد ممن ألفوا عبارة ( الستار الحديدي ) التي كان يطلقها الإعلام الغربي على سياسة التعتيم المُتبعة في الدول الشيوعية . في تلك الحقبة من الزمان كان التعتيم سياسة اختيارية ، والسبب هو قلة مصادر المعلومات وسهولة التحكم فيما يُجاز بثه أو نشره منها . لقد كان الرقيب في تلك الحقبة هو المرجعية المباشرة للإعلامي بصفته المانح والمانع والآمر والناهي . الآن وبعد أن دخل العالم عصر ثورة الاتصالات الحديثة ، وبعد أن أزاح المارد المعلوماتي المسمى بالإنترنت كل الوسائل من طريقه ، فإن الاستمرار في تضليل الناس إما بالكذب أو بالتعتيم ، أصبح أمرا مستحيلا . فإذا حجبت موقعا ستجد عشرة مواقع بديلة ، وإذا استطعت أن تصل إلى العشرة مواقع ستجد من يفكون الشفرة بل ويبيعونها لمن يهمهم الأمر . الغرب نفسه الذي يرعى ما يسمى بحرية الإعلام أصبح يعاني من توفر الكل بما فيهم أعداؤه ، على المعلومة الاستراتيجية التي تخصه والتي يحرص على إخفائها أو على عدم إشاعتها . مثلا اللقاء التلفزيوني الذي أجري مع وزيرة الصحة الفلندية والذي حذرت من خلاله من تناول اللقاح المضاد لأنفلونزا الخنازير عُرض من خلال محطة واحدة وشاهده عدد محدود من الناس . الآن لو دخلت موقع اليوتيوب فإنك ستصطدم بكم الناس الذي شاهدوا اللقاء من خلال الإنترنت عبر كل أنحاء العالم . وهم بدون شك أضعاف أضعاف من تابعوا اللقاء تلفزيونيا . عصر حجب المعلومة ولى إلى غير رجعة . [email protected]