قال الضَمِير المُتَكَلِّم : إذا كانت الشمسُ قد غابت عن الإمبراطورية البريطانية بسقوط الاستعمار ؛ فإنها لا تغيبُ، ولن تغيبَ عن الجامعة الإسلامية في المدينة النبوية ؛ فخريجو هذه الجامعة العريقة ؛ الذين يزيد عددهم عن ثلاثين ألفًا، ويمثلون أكثر من مائتي جنسية ؛ ينتشرون في أصقاع الأرض، واعْتَلى الكثير منهم مناصب قيادية في بلدانهم ؛ فمنهم الوزراء والعلماء والدعاة والقضاة والمعلمون ؛ وكان أولئك خير سفراء في نقل وسطية الإسلام وعدالته وإنسانيته بأفعالهم وأقوالهم. هذه الجامعة كانت سابقاً غائبة عن المشهد الداخلي ؛ ولكنها في عهدها الجديد أصبحت أكثر قُرباً من المجتمع وحاجياته من خلال كليات وأقسام علمية سوف ترى النور قريباً ومنها : ( كليات : الطب، والعلوم، والعلوم التطبيقية، والهندسة، والحاسب الآلي،والعلوم الإدارية والإعلام، والأقسام النسائية). وكذلك برامج التعليم الموازي والانتساب التي انطلقت منذ سنتين في مختلف التخصصات، والأهم البرامج الثقافية من مؤتمرات دولية، ومحاضرات وندوات وأمسيات شعرية أفاد منها المجتمع على اختلاف مشاربه وأطيافه ؛ وكان نقلة نوعية في تعاطي الجامعات مع القضايا الساخنة للمجتمع. وإذا كان هناك جامعات أقامت محاكم تفتيش وتصنيفات فكرية لمنسوبيها ؛ بل وتبرأت من بعضهم مع علمهم وفَضلِهم ؛ فإن هذه الجامعة تميزت في عهدها الجديد بفكر تنويري استطاع أن يحتوي جميع التيارات الفكرية، ومعه أصبحت الجامعة الإسلامية منبراً للرأي والرأي الآخَر. نعم هناك فئة في الجامعة ما زالت تؤمن بالإقصاء وأحادية الفكر والرأي وتتكئ على الدخول في نِيْات عباد الله وتصنفهم حسب الهوى ؛ ولكنها محدودة العدد والتأثير ؛ وطوفان الفِكْر الإصلاحي كفيل بعودتهم إلى جادة الصواب ؛ ومع كل هذه النجاحات والتجليات ؛ إلا أن الجامعة بحاجة إلى تطوير في جوانب منها : الرفع من قدرات بعض أعضاء هيئة التدريس كيما يخلعوا عباءة المشيخة، وينتقلوا إلى صورة الأكاديمي الحديث في تنوع ثقافته وإلمامه بمستجدات عصره وأدواته الحديثة، والحاجة كبيرة إلى تفعيل أدوار المجالس العلمية ومنحها الصلاحيات الإدارية والعلمية بعيداً عن سيطرة مجالس الكليات. وكذلك تدوير المناصب القيادية فالجامعة تزهو بالعديد من الكفاءات. وأخيراً ليُعَِز نفسه مَن لا ينتسب لهذه الجامعة، وليس في إدارته (محمد بن علي العقلا). ألقاكم بخير والضمائر متكلمة.