منذ نعومة أظفارنا ونحن نبحث عن الجمال ونعجب به وبكل ما هو جميل من إنسان أو حيوان أو جماد فالله جميلٌ يحب الجمال.. وقد دُعينا للتجمل والتزين عند كل مسجد، وأُمرنا بالاغتسال كل جمعة، وبارتداء الجديد في العيد، والحرص على التطيب، وغيرها الكثير من الوصايا التي تحث على الاهتمام بالجمال والتجمل.. يقول المثل الشعبي: "شين مجمل، ولا زين مهمل" أي الشيء أو الشخص غير الجميل لكنه يتجمل ويتنظف، أفضل من صاحب الجمال لكنه مهمل في نفسه وشكله.. وقد فطرت المرأة على اهتمامها بالتجمل والتبرج منذ القدم، فهذه الملك فكتوريا تستحم بالحليب وعامة الشعب يعاني الجوع والفقر.. ما دعاني للحديث عن التجمل ما نشهده اليوم من تسابق محموم على مراكز التجميل بأنواعها.. فالبعض يريد تغيير شكل الأنف أو نفخ الشفايف والخدود أو شفط الشحوم أو برد الأسنان.. إلخ. وآخرون يلجأون إلى الصالونات لعمل صبغات الشعر أو نتف الحواجب أو أخذ حمام مغربي أو جلسة طين أو قناع ذهب!! وهذا ما لفت نظري عندما قصدت إحدى الصالونات النسائية الراقية لتسريح شعري، وأنا أنتظر دوري أتت إحدى العاملات تعرض عليّ "قناع الذهب" وكيف أنه يجدد خلايا البشرة وينظفها أفضل من أي قناع آخر، وبعد كلمات المديح والاطراء على القناع الذهبي "السحري" سألتها عن السعر الذي صعقني (1500ريال للجلسة الواحدة)!! وقد أصبت بالذهول بأن هناك من يعمل هذه الأقنعة ويدفع هذه المبالغ على أشياء يمكن الاستعاضة عنها بمواد طبيعية، ناهيك عن الرأي الشرعي فيها.. الغريب بأنني كنت أتأمل وجه محدثتي فوجدت فيه الكثير من العيوب التي ذكرت بأن قناعها العجيب سيحلها كلها، فلماذا لم تقم هي بعمله على نفسها؟ أم أن هناك أمورا أخرى لا نعلمها!! إن ما يجري في هذه المراكز سواء كانت تدعي بأنها صحية أو جمالية يحتاج إلى رقابة على المواد المستخدمة ومدى تأثيرها، وكفاءة العاملات في التعامل مع هذه المواد والادوات، كما يجب رقابة الأسعار ووضع حدّ لعدم تجاوز البعض "فالكل يدعي وصلاً بليلى"، فالكل يقول أنه أفضل من غيره لذلك فسعره أغلى.. رغم اختلاف مقاييس الجمال بين الناس إلا أنه مطلب الجميع دون استثناء، فهل هناك أجمل من النظافة في البدن واللباس، والتحلي بحسن الخلق والابتسامة في وجه الجميع.. [email protected]