الانحراف هو السير نحو أي عمل غير مألوف ومخالف للأنظمة والعادات والتقاليد وقوانين الطبيعة، وهو الخروج عن الجماعة واتخاذ سلوك مناف لنمط الحياة ومعيشة الأسرة وأفراد المجتمع، إذ يبدأ بروز هذا الميل منذ الطفولة، وقد يستمر حتى الشيخوخة عندما يسلك الشاب طريقة ما ويسير على نحو خاص به مفتخراً بما يقوم به، متوهماً أن ما يقوم به صحيح ومن حقه الطبيعي ممارسته. وللأسف يكون عمله وتصرفه شاذاً عن القوانين والأنظمة وتربية الأسرة، لهذا تقع على عاتق الأسرة وتحديداً الوالدين مسؤولية تحصين أولادهم وتنمية المواهب والقدرات للطفلة أو الطفل، وتوجيههما في الطريق السليم وبيان الأفكار والممارسات الخاطئة ومدى تأثيرها السلبي والايجابي على الفرد أولاً، وعلى الأسرة والمجتمع ثانياً. وتزداد هذه المسؤولية الأسرية عند دخول الشاب أو الشابة سن المراهقة، فتحتاج إلى تعزيز الثقة والحوار العلمي وأبجديات الثقافة العامة والاجتماعية وواجبات وحقوق سن المراهقة وكيفية التعامل مع الجنس الآخر والحفاظ على الذات، بإتباع الإرشادات والطرق السليمة التي تحفظ وتصون الطفل للانطلاق نحو المستقبل دون خوف أن أي حالة سلبية لا يمكن أن تعيش وتنمو إذا لم تجد لنفسها المحيط والبيئة المناسبة لهذا الانحراف أو ذاك، سواء أكان ضمن الأسرة أم الشارع أم الحي أم في ساحة المدرسة. إن تدني مستوى الوعي وغياب التعامل الديمقراطي، وممارسة التمييز ضمن الأسرة بين الفتى والفتاة، والعنف الأسري والخلافات المستمرة بين الزوجين، هي النواة والأساس لتشكيل حالة انحراف لدى الشاب أو الشابة، فتكون النتيجة ضياع المنحرف أو المنحرفة ومن العوامل الأخرى المساعِدة على الانحراف زيادة الأعباء والمتطلبات المادية بسبب عدم توفر فرص العمل والبطالة التي تزداد يوماً بعد آخر، والفراغ الكبير في وقت الشاب بعد انتهائه من الدراسة إذ يضطر الشاب إلى السهر أمام برامج التلفاز والفيديو، ويدخل الإنترنت ومواقع الدردشة مع الجنس الآخر، بعيداً عن مراقبة الأهل والأسرة، مع ذلك يبقى لديه فراغ كبير فيقضي جلّ وقته في الشوارع مع أولاد السوء فيتعلم منهم التصرفات المشينة التي لا تليق بهم ولا بأسرهم .