تتنتشر في هذه الآونة عبر الجوال رسائل مفادها التحذير من تسمية بحيرة الصرف الصحي ببحيرة المسك وأن ذلك أمر منكر ولا يجوز معللين ذلك بعلل واهية، ودرج كثير من الكتاب وهم يتحدثون عن هذه البحيرة على تضمين مقالاتهم نقدا لاذعا لإطلاق المسك على البحيرة راغبين في تسميتها بالاسم الخبيث. وعند الرجوع إلى مادة (مسك) في لسان العرب نجد أن هذه التسمية لم تأتي اعتباطا ولم تصدر عن جهل. فإن : أمْسَك به ، وتمَسَّك ، وتمَاسَك ، واستمْسَك ،ومَسَّك ، كلها بمعنى : احتبس ، والمَسَك والمَسَاك :الموضع الذي يُمسِك الماء . فدل على صحة تسميتها ببحيرة المَسَك (بفتح الميم والسين). وأما تسميتها ببحيرة المِسك (بكسر الميم) فإن المسك معروف وهو ضرب من الطيب، ذو رائحه طيبة نقيظة للروائح المنبعثة من البحيرة. وعند الرجوع إلى حديث العرب نجد أنهم يسمون بعض الاشياء السيئة بأسماء حسنة ، فيسمون اللديغ : وهو من عضته حية أو عقرب ، سليما ،لأنه غالبا لا يسلم من السم. ويسمون الصحراء المهلكة : مفازة ، ويعنون بذلك أن من إجتازها دون أن يهلك فقد فاز ، وكل ذلك من باب التفاؤل. وكذلك بحيرة المسك وقد سبق وأطلقنا على مائها بالصرف الصحي وهو في الحقيقة صرف غير صحي مليء بالأوبئة والامراض ، لكن جرى تسميته بذلك على الوجه الذي ذكرنا. وكان النبي –صلى الله عليه وسلم- يحب الفأل والتبشير ويكره التطير والتنفير. وأنا شخصياً لست متشائما من بحيرة المسك ، وإن كانت تنذر بخطر جسيم على الأحياء المجاورة ، إلا أنها كانت سببا في إمساك ماء السيل القادم من وادي حفنة وحجزه عن الأحياء المجاورة في سيل الأربعاء الحزين ، ومنعت بعون الله من وقوع كارثة شبيه تماما لما حدث في الأحياء التي في طريق وادي قوس ومريخ وك 14 وأم السلم. وهذه وحدها تكفى لأن نحمد الله تعالى على هذه البحيرة، ((وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا)). كما أننا يجب أن ننظر إلى أمر البحيرة بإيجابية ونوجد حلولا إبداعية للحيلولة من أخطارها المحتملة والاستفادة من وجودها قدر الإمكان بدلا من لوم بعضنا وندب حضنا لأنها واقع علينا أن نتعايش معه ونتغلب عليه ليكون مفيدا لنا غير ضار وعندها نكون قد استطعنا أن نصنع من الليمونة الحامضة عصيرا حلوا.