من خلال عملي كثيرا ما أرصد مشكلات التلاميذ في المدرسة وأهتم ببحث الحلول العلاجية لها بالتنسيق مع مديري المدارس إلا أن ودي أؤكد على أن محيطهم الاجتماعي له تأثير على سلوكهم واتجاهاتهم النفسية وانتظامهم في المدرسة بشكل سليم وأنهم قد يكونوا ضحايا لمواقف وسلوكيات قد تكون خاطئة سواء تعرضوا للموقف السلبي في المنزل أم في المدرسة أم في الشارع. ومن الحالات التي مرت علي في العمل هي حالة لتلميذ يدرس في الصف الأول يعاني من « عدم التكيف» مع أجواء المدرسة وصعوبة البقاء في الفصل مع معلمه لوحده إلا في حالة واحدة وهي أن يتواجد إلى جواره أحد أفراد أسرته إما داخل الفصل أو خارجه وإلا فلن يبقى في الفصل لحظة واحدة ولو شعر بعدم تواجده معه سيختار أن يطلق ساقيه للريح للبحث عنه حتى لو خارج المدرسة. من خلال تشخيص أولي أدركت أن التلميذ كان عرضة لموقف ما أحدثت لديه هذه المخاوف من المدرسة ورغبت أن أجلس إلى ولي أمره والذي أعلمني أن ابنه شاهد معلما يصفع طالبا آخر مما أحدث في نفسه تلك المخاوف من المعلم والمدرسة وهو ما كنت أتوقعه. بطبيعة الحال كان دوري يملي علي أن أقف عند هذه المشكلة ولا أغادرها إلا بالاتفاق مع إدارة المدرسة في وضع خطة علاجية مع المعلم شريطة تنفيذها وعدم استعجال نتائجها لأن المهمة الآن هي إزالة سلوك سلبي وإحلال سلوك إيجابي يكون هدفنا الأساس غرس الطمأنة في نفس هذا التلميذ وإشعاره بالأمان وجعله يشعر بأن المعلم مثل والده وأن المدرسة هي منزله الثاني وأن الطلاب زملاءه في الفصل هم إخوته وأن الفصل بمثابة غرفته والمدرسة منزله الذي يألفه وسيحس بداخلها بالأمان وهي مهمة جسيمة كما تبدو لكم. كانت الخطة التي أبديتها لمدير المدرسة والمعلم تقوم على:- - أن يبدل المعلم من موقع التلاميذ في الفصل. - يغير جلسات التلاميذ ويجعلهم في مجموعات ليدخل التلميذ ضمن مجموعات الصف بدلا من جلوسه لوحده على مقعد متباعد وهي الصفوف المتتالية التي تغلب على شكل فصولنا الدراسية. - أن يعمد إلى تنفيذ مسابقات ومناشط تربوية تقوم على اللعب والترفيه وخلق التنافس المعرفي. - أن يقوم بإهداء طلابه ومنهم على الأخص التلميذ الحالة هدايا متنوعة بين وقت وآخر. - أن يطلب من التلميذ أن يقوم بأدوار قيادية كأن يذهب لجلب شيئا ما من الفصل المجاور أو من المقصف أو من إدارة المدرسة. - أن يلغي المعلم أساليب العقاب من قاموسه البتة سواء العقاب اللفظي أو الجسدي. - أن يميل في إدارة بعض حصصه إلى رواية القصص وزيارة مكتبة المدرسة وأن يعمد معهم إلى القيام بجولة على مبنى المدرسة. - أن يخطط مع زميله في الفصل المجاور في تنفيذ تبادل الزيارات لخلق أجواء متناغمة يشعر معها التلميذ الحالة أن المعلم هو بمثابة الأب لكل تلميذ وهو أحدهم ويعد صديقه. - أن يبتعد المعلم عن أساليب العقاب بكل أشكاله. - أن ينوع في استخدام أساليب التحفيز لطلابه. - أن يطلب من التلميذ ممارسة بعض الأمور القيادية كأن يجعله « عريفا « على الفصل. - يحاول تكليفه بمهام داخل المدرسة كأن يذهب إلى مدير المدرسة لإحضار تحضيره أو إلى المكتبة لإحضار كتاب ما ليدربه على البعد من المكان ثم العودة إليه. كما إن للأسرة دورا كبيرا في مساعدة ابنها طالب المدرسة الذي يعاني من عدم التكيف على التكيف مع أجواء مدرسته وذلك من خلال تنمية مهاراته الاجتماعية والمساهمة في إبعاد المخاوف النفسية التي قد تثير عنده مشاعر الخوف كلما شعر بالبعد عن أفراد أسرته وتشجيعه على المذاكرة وحثه على الذهاب إلى المدرسة والمواظبة دون فرض أو استخدام القسوة لإجباره على الذهاب وتهيئة المناخ التربوي له الذي يعينه على المذاكرة وحل الواجبات.