شهد عام 2009 أحداثا كثيرة أثرت على مجرى السياسة العالمية وأحدثت تغييرات من شأنها أن تستمر في العام الجديد. وربما كان التغيير الواضح في أسلوب المعالجة السياسية الأمريكية للقضايا في العراق وأفغانستانوإيران هو أبرز التغييرات التي حملها هذا العام مع صعود باراك اوباما إلى سدة الحكم في البيت الأبيض كأول حاكم أسود للبلاد مع كلماته المشجعة وخطبه الملتهبة عن ضرورة إحلال السلام ودفع أمريكا والعالم إلى فترة من الاستقرار بعد سنوات من الفوضى والتخبط واتخاذ العنف وسيلة لحل المشكلات. آمال عريضة مع أوباما ومع وعود أوباما الانتخابية تفاءل العالم بعام مختلف يسود فيه الاحترام المتبادل وترتقي لغة التحاور لتحل محل الخلاف والمواجهة، وتفاءلت شعوب الشرق الأوسط على وجه التحديد بعدما أنهت الآلة العسكرية الإسرائيلية عدوانها الغاشم على غزة وتوقفت عملية «الرصاص المتدفق» التي أزعجت العالم وكشفت وجه إسرائيل القبيح أمامه. واستمر موكب الأمل في مسيرة إصلاح ما أفسده العنف والتشدد والمواجهة، فاستقبل الكثيرون خطاب أوباما التاريخي للعالم الإسلامي الذي ألقاه في جامعة القاهرة بارتياح، وتعزز الشعور بإمكانية تحقيق نوع من الاستقرار في الشرق الأوسط وتحسين العلاقة المتدهورة بين شعوبه وبين الولاياتالمتحدة، وخلق قرار انسحاب معظم القوات الأمريكية من العراق قبل الانسحاب الكامل في 2011 مبررا إضافيا بإمكانية ردم فجوة الشقاق بين العالم العربي والولاياتالمتحدة، وتعزز هذا كله مع تصريحات الإدارة الأمريكيةالجديدة بشأن دعم جهود التنمية في دول الشرق الأوسط، ومع تصريحات اوباما بالحوار المباشر والصريح مع إيران، ومع جهود الولاياتالمتحدة لتحسين صورتها في دول العالم بشكل عام ووعود اوباما بإغلاق معتقل جوانتنامو وإعادة الثقة في النظام المالي في ظل أزمة عالمية ألقت بظلالها الكئيبة على الاقتصاد العالمي وحركة التجارة الدولية. مع نهاية يوم الثامن عشر من يناير 2009 توقفت جريمة العدوان الإسرائيلي على مدينة غزة، وانتهت عملية «الرصاص المتدفق» على القطاع، تلك الجريمة التي أوقعت في خلال 22 يوما أكثر من 1400 قتيل فلسطيني معظمهم من المدنيين، بينما قتل خلال الهجوم أيضا 13 إسرائيليا منهم عشرة عسكريين وثلاثة مدنيين. وكان الجيش الإسرائيلي قد شن هذا الهجوم الإرهابي في السابع والعشرين من ديسمبر عام 2008 بزعم وقف إطلاق الصواريخ من القطاع الذي تسيطر عليه حركة حماس. وبدا خلال هذا الإجرام الإسرائيلي ان المسؤولين في تل أبيب أرادوا تنفيذ جرائمهم بأسرع وقت ممكن دون أدنى اعتبار للمدنيين الفلسطينيين العزل ومهما كانت العواقب حتى لا تتهم الحليفة الصغرى بتلويث حفل تنصيب لرئيس أمريكي جديد وعد بنبذ العنف والعمل من أجل السلام. ولم يمض يومين فقط على انتهاء مجزرة غزة حتى تم تنصيب باراك اوباما رئيسا للولايات المتحدة، ليصبح في سن السابعة والأربعين أول رئيس اسود للبلاد محييا في خطاب تنصيبه انتصار «الأمل» على «الخوف» في الوقت الذي تواجه فيه الولاياتالمتحدة حربين في العراق وأفغانستان وأزمة اقتصادية خطيرة. واستهدف أول قرار لاوباما معتقل غوانتانامو، رمز تجاوزات عهد سلفه جورج بوش الذي وعد بإغلاقه في اقرب وقت ممكن، ثم ليعلن في السابع والعشرين من شهر فبراير انسحاب معظم القوات الأميركية من العراق قبل نهاية أغسطس 2010 والانسحاب الكامل قبل نهاية 2011. وامتدت مساحات التفاؤل مع إلقاء أوباما لخطاب تاريخي في جامعة القاهرة في الرابع من شهر يونيو، والذي استهله بكلمتى شكرا والسلام عليكم باللغة العربية، عرض فيه على المسلمين وضع حد لدائرة الريبة والخلاف مع الولاياتالمتحدة وحل نزاع الشرق الأوسط، واقامة الدولة الفلسطينية. وحث الرئيس الأمريكي في خطابه على ضرورة وضع بداية قائمة على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل بين الولاياتالمتحدة والعالم الإسلامي، ترتكز على حقيقة أن أمريكا والإسلام ليستا في حالة تنافس، بل إنهما تتشاركان في مبادئ تتمثل في العدالة والتقدم والتسامح والحفاظ على كرامة الإنسان. ومرت الشهور وبدا أن بعض التفاؤل الذي خلفه خطاب أوباما قد تحول تدريجيا إلى قلق، فقد طالت كثيرا فترة التوقف عند إشارة الانتظار، ولم يسمح للأمنيات بإمكانية توقف بعض الدوائر الأمريكية والغربية عن مهاجمة المسلمين في عقيدتهم بالمرور، ولم تتحسن علاقة الولاياتالمتحدة بالعالم الإسلامي بالشكل الذي يناسب الطموحات، وظلت الدولة الفلسطينية التي دعا إليها اوباما في خطابه حلما بعيد المنال. ولم يكن الحوار مع إيران خارج دائرة اهتمام الإدارة الجديدة، فعمل أوباما على التهدئة بين البلدين بعدما اشتعلت حرب التصريحات بين الرئيس الإيراني أحمدي نجاد والرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، ففي العشرين من مارس توجه أوباما مباشرة إلى القادة الإيرانيين عارضا عليهم تخطي ثلاثين عاما من النزاعات، وقد كان الرد الإيراني هو الترحيب الحذر، وقالت طهران أن التطبيقات العملية للسياسات الأمريكية تجاه إيران على أرض الواقع هي ما ستعزز حوار التهدئة والحوار وليس التصريحات والوعود الكلامية. ومع مرور الوقت لم يظهر أي جديد سواء في العلاقات الأمريكيةالإيرانية أو الشأن النووي الإيراني، واتضح أن خطابات الود التي أرسلها كل جانب للآخر قد توقفت في إشارة الانتظار، ولم يسمح للدبلوماسية والحوار الهادئ بالمرور، فأعيدت الإشارات الحمراء لتتوقف محاولات التقارب خاصة بعدما أعيد انتخاب الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد في الانتخابات في الثاني عشر من يونيو، حيث تصاعدت لهجات التهديد مرة أخرى، ويعتقد المراقبون أن نجاد اتخذ من موقفه الرافض للتقارب مع الولاياتالمتحدة كداعم له في موقفه بالانتخابات. وفى الحقيقة، وبرغم نجاح نجاد، لم يرض ذلك الموقف الكثيرين في داخل إيران، فندد الإصلاحيون بسياسات نجاد واعترضوا عليها، فضلا على اعتراضهم وتنديدهم بما أسموه عمليات تزوير واسعة تمت لصالح نجاد، وقد أدى ذلك إلى قيام تظاهرات قمعتها السلطات بقسوة لتغرق البلاد في اخطر أزمة سياسية منذ ثلاثة عقود. ولم تلبث أن تجددت الاشتباكات في نهاية هذا العام، فشهدت طهران حمام دم بعد سقوط مواطنين محتجين برصاص مليشيات الحرس الثوري التي كانت تتوعد الإصلاحيين بالعقاب القاسي، وشنت المليشيات حملة اعتقالات جديدة ضد المعارضين ومساعدي رموز المعارضة من بينهم وزير الخارجية الأسبق إبراهيم يزدي زعيم حركة تحرير إيران. ويرى بعض المراقبين أن الوضع الداخلي المتأزم في إيران قد أفرز بعض الارتباك للإيرانيين في إدارة الملف النووي، وفى كل الأحوال تواصل شعور الإحباط الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي جراء استمرار طهران في مراوغاتها النووية، ولم يطل صبر المجتمع الدولي كثيرا، ففي الثامن والعشرين من نوفمبر أدانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية سياسة إيران النووية بعد أسابيع من المماطلة في الرد على عرض الوكالة بتخصيب اليورانيوم الإيراني الضعيف في الخارج. ولم يعجب ذلك طهران بالطبع، فأعلنت في اليوم التالي تصعيدا جديدا للموقف، وقالت أنها ستستمر بنفسها في إنتاج اليورانيوم المخصب الذي يحتاجه برنامجها النووي. الازمة المالية في مرحلة النقاهة تواصلت آثار الأزمة المالية العالمية في عام 2009 بعدما بلغت ذروتها في أكتوبر من العام السابق له، وانتظر العالم في بداية 2009 لبعض الوقت لدراسة آثار الأزمة، ثم تحرك في الثاني من شهر ابريل لتتخذ مجموعة العشرين مجموعة إجراءات لاستعادة النمو تتيح ضخ 5000 مليار دولار في عجلة الاقتصاد العالمي قبل نهاية 2010. وتعهدت المجموعة الدولية بإعادة الثقة في النظام المالي من خلال وضع قواعد لضبطه بشكل أفضل وتعطي موارد جديدة لصندوق النقد الدولي. ولكن على الرغم من هذه الجهود، ورغم التدابير التي اتخذتها حكومة باراك أوباما بحزمة الحوافز الاقتصادية بلغت 787 مليار دولار، تواصل الهلع الاقتصادي لفترة من الوقت كانت كفيلة بان تتسبب في إفلاس شركات كبرى لعل من أهمها شركة جنرال موتورز الأمريكية التي حملت لمدة 77 عاما على التوالي من 1931 إلى 2007 لقب أول منتج عالمي للسيارات من حيث حجم المبيعات قبل أن تتفوق عليها العام الماضي اليابانية تويوتا. وسرعان ما عاودت مجموعة العشرين جهودها، ففي الرابع والعشرين من شهر سبتمبر اجتمعت المجموعة في مدينة بيتسبرغ بالولاياتالمتحدة وقررت تعزيز دور صندوق النقد الدولي مع إعطاء ثقل اكبر للدول الناشئة، مع تعهد بإقامة نموذج للنمو العالمي أكثر توازنا. واتفق قادة المجموعة على الحد من المكافآت التي تدفع لمديري البنوك والمؤسسات المالية وعلى معاقبة الجنات الضريبية كإجراءات لاحتواء الأزمة المالية العالمية. وبالفعل تم احتواء الأزمة العالمية إلى حد كبير مع نهاية العام، ولكن ذلك لم يمنع من ظهور بعض المشكلات التي أثارت قلق الأسواق المالية حول العالم لعدة أيام، ومنها على سبيل المثال إعلان سلطات إمارة دبي في الخامس والعشرين من شهر نوفمبر عن عزمها طلب تأجيل ديون مجموعة دبي العالمية لستة أشهر، وقدرت هذه الديون ب59 مليار دولار، كان 3.5 مليار منها مستحق السداد في الرابع عشر من ديسمبر الحالي. وقد أثار هذا الإعلان القلق حيال وضع دبي الاقتصادي واهتزت الأسواق المالية في العالم على إثرها بضعه أيام قبل أن تعلن إمارة أبو ظبي تدخلها ومساعدة دبي في تسوية جزء كبير من ديونها. ولكن على الرغم من الأزمة التي لاحقت دبي على وجه الخصوص، كان الإماراتيون على موعد مع الأخبار السعيدة في هذا العام وبالتحديد في التاسع من سبتمبر مع افتتاح المرحلة الأولى من مشروع مترو دبي، ذلك المشروع العملاق الذي بلغت تكلفته نحو 28 مليار درهم إماراتي فيما يبلغ طول خطوطه 70 كيلومترا فوق الأرض و15 كيلومترا تحت الأرض ليصبح القطار الأطول في العالم الذي يعمل من غير سائق. تفجيرات والعودة للنقطة صفر تحدث في كل عام أعمال عنف وتفجيرات ومحاولات اغتيال لسياسيين ومشاهير حول العالم، وعام 2009 لم يكن استثناء. فشهدت الصين أعمال عنف عرقية في ارومتشي، عاصمة إقليم تشين جيانغ في الخامس من يوليو، وأوقعت هذه الأعمال نحو 197 قتيلا، واعتبرت أسوأ موجة عنف تشهدها الصين منذ عقود. وفى قارة آسيا أيضا وفى باكستان سقط نحو 134 قتيلا في هجوم بسيارة مفخخة استهدف سوقا في بيشاور في الثامن من أكتوبر، وأعد من الاعتداءات الأكثر دموية في تاريخ باكستان حيث قتل أكثر من 2600 شخص من عامين في تفجيرات معظمها انتحارية نفذتها حركة طالبان. وكان هذا التفجير هو الأبرز في سلسلة من التفجيرات أثارت الرعب في باكستان خلال شهري أكتوبر ونوفمبر، وسقط فيها العشرات من القتلى ومئات المصابين. وفى العراق المثقل بالهموم السياسية والاقتصادية وقعت العديد من التفجيرات الدموية خلال عام 2009، لعل أبرزها وقوع خمسة تفجيرات متزامنة بسيارات مفخخة تبنتها دولة العراق الإسلامية الموالية للقاعدة، مما أدى لمقتل 127 قتيلا على الأقل في بغداد، وكانت هجمات في أغسطس وأكتوبر من نفس العام قد استهدفت رموز النظام العراقي في بغداد وأوقعت 250 قتيلا. وشهد العام أيضا ملاحقة عدد من السياسيين السابقين والحاليين، وبينما اعتقل البعض كوزير الخارجية الإيراني الأسبق إبراهيم يزدى في إيران، تعرض البعض الآخر لمحاولات اغتيال. ففي الثالث من ديسمبر أصيب موسى داديس كامارا رئيس المجلس العسكري الغيني الحاكم بالرصاص في العاصمة كوناكري، وأجريت له في اليوم التالي عملية جراحية. وقد أتت محاولة الاغتيال هذه بعد شهرين من المذبحة التي تعرض لها معارضون بلغت حصيلتها بحسب تقرير للأمم المتحدة نحو 150 قتيلا على الأقل. ولم يخل العام من ملاحقات قانونية أيضا أسبغت بعضا من العدالة في بديات العام، في السابع عشر من فبراير بدأت أول محاكمة دولية لمسؤول سابق في نظام الخمير الحمر في كمبوديا، وهو كاينغ غويك اياف، والمتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال إدارته سجن تول سلينغ حيث جرى تعذيب نحو 15 ألف شخص قبل إعدامهم بين عامي 1975 و1979. انتخابات هادئة وأخرى مشتعلة شهد العالم في 2009 صعود نجم المحافظين في أماكن عدة من العالم وأفوله في أماكن أخرى لحساب الإصلاحيين والديمقراطيين، ففي السابع من شهر يونيو فاز الحزب الشعبي الأوروبي المحافظ يفوز بفارق كبير في الانتخابات الأوروبية على الحزب الاشتراكي وظل القوة السياسية الرئيسية في البرلمان، وفاز نجاد المحافظ في إيران في الثاني عشر من الشهر نفسه، بينما وضع الحزب الديمقراطي في اليابان حدا لنحو خمسين عاما من هيمنة المحافظين على ثاني اقتصاد عالمي عندما حققت أكبر قوة معارضة وسطية فوزا ساحقا في الانتخابات التشريعية في الثلاثين من شهر أغسطس. وفي السادس عشر من شهر سبتمبر تولى الزعيم اليساري الوسطي يوكيو هاتوياما رئاسة الوزراء في اليابان. وفى لبنان أعلن في الثامن من يونيو فوز تيار المستقبل الممثل للأكثرية اللبنانية بالانتخابات النيابية. أما في ألمانيا فقد بقيت الأوضاع على ما هي عليه، فتمت إعادة انتخاب المستشارة الألمانية انجيلا ميركل في الثامن والعشرين من شهر سبتمبر لولاية ثانية من أربع سنوات لترأس ائتلافا بين محافظي الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاتحاد المسيحي الاجتماعي وبين ليبرالي الحزب الديمقراطي الحر. وقد كانت معظم الانتخابات في أوروبا هادئة، إلا أن نظيراتها في إيران كانت دامية ولا زالت آثار الاشتباكات بين المعارضة التي يتزعمها الإصلاحيين وبين النظام قائمة حتى اليوم وربما تشتد أيضا في العام الجديد وتأخذ منعطف أكثر خطورة، ولم تكن الانتخابات في أفغانستان والتي جرت في العشرين من شهر أغسطس الماضي بأقل سخونة في أحداثها وتبعاتها، فجرت الانتخابات في مناخ من الخوف وقال مراقبون أنها شهدت عمليات تزوير واسعة لصالح الرئيس حامد كرزاي الذي فاز في الانتخابات في الجولة الثانية التي جرت في الثاني من نوفمبر بعد أن انسحب منها منافسه عبد الله عبد الله. وإذا كان التوجه الأمريكي بالتهدئة في العراق والشرق الأوسط قد ميز خطاب أوباما، إلا أن تلك التهدئة لم يكن لها وجود في التعامل مع أفغانستان، وربما لم يكن ذلك مدهشا بالنسبة للمتابعين، فقد حرص اوباما منذ أن ترشح للرئاسة على التأكيد بضرورة التواجد المكثف للولايات المتحدة في العراق وتعقب قادة طالبان بشكل أكثر قوة ، وترجم اوباما هذه الرؤية عندما قرر في الأول من ديسمبر إرسال 30 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان. كوارث تحيط بالعالم مثلت صدمة تحطم طائرة تابعة لشركة اير فرانس خلال رحلتها اي.اف 447 المتجهة من ريو إلى باريس فوق المحيط الهادئ بعد إقلاعها بقليل وسقوط 228 قتيلا، أحد الأحداث الكارثية التي ميزت هذا العام، وعلى الرغم من وقوع الحادث في الأول من شهر يونيو إلا انه وحتى الآن لم تعرف بعد أسباب هذه الكارثة التي تعد الأسوأ في تاريخ الشركة الفرنسية. ولكن ربما يعتبر زلزال جزيرة سومطرة المدمر (7.6 درجات على مقياس ريختر) هو الكارثة الكبرى في العام قياسا بعدد الضحايا، فقد أوقع الزلزال الذي ضرب غرب جزيرة سومطرة أكثر من ألف ومائة قتيل. كما شهدت مناطق آسيا فيضانات عديدة وتزايدت الكوارث البيئية في منطقة جنوب شرق آسيا في شهري سبتمبر وأكتوبر من عام 2009 بصورة مخيفة، فضرب زلزال عنيف بادانغ الاندونيسية التى يبلغ عدد سكانها 900 ألف نسمة، مخلفا دمارا هائلا، ودمر الإعصار كتسانا أجزاء كبيرة من جنوب شرق آسيا، وأسفر عن مقتل أكثر من 500 شخص، وفى كمبوديا خلف الإعصار 11 قتيلاً على الأقل، بينما ارتفع عدد القتلى في الفلبين التي اجتاحها “كتسانا” في العاصمة مانيلا و12 إقليما فلبينيا إلى نحو 400 قتيل على الأقل. ولم تكد المنطقة تفيق من صدمة إعصار كتسانا حتى ضرب إعصار آخر أطلق عليه اسم «بارما» تزامن مع عاصفة أخرى تسمى «ميلور» المناطق الشمالية الشرقية من الفلبين، مخلفا وراءه عشرات القتلى. وفى الهند سببت الأعاصير والفيضانات والأمطار الغزيرة عن تشريد مائة ألف شخص ومقتل مئات الأشخاص بجنوب الهند كما دمرت محاصيل وشردت الآلاف من السكان ويؤكد العلماء أن حدوث الزلازل والفيضانات وغيرها من الكوارث الطبيعية بصورة مستمرة وعنيفة في السنوات الأخيرة ما هو إلا نتيجة لتفاقم مشكلة المناخ في العالم وخاصة ظاهرة الاحتباس الحراري، وحاول العالم في نهاية العام التحرك بايجابية في هذا الصدد، فعقد في السابع عشر من شهر ديسمبر مؤتمر في مدينة كوبنهاغن حول التغير المناخي تحت رعاية الأممالمتحدة، حاول فيه وفود من 192 دولة من بينهم نحو مائة رئيس دولة التوصل إلى اتفاق يتيح الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، ولكن لم يخرج المؤتمر بالنتائج المرجوة على الرغم من إعلان الاتحاد الأوروبي تقديم مساعدة بمبلغ 7.2 مليار يورو إلى الدول الفقيرة لمساعدتها في التغلب على مشكلات المناخ.