لن أذهب بعيداً عن الفكرة التي طرحها الزميل الأستاذ صالح الشيحي المتضمنة ضرورة التغيير في مناصب الوكلاء ومدراء العموم في الإدارات الحكومية ، بل أجعلها منطلقاً لمقترح بات هاماً وضرورياً ، لأن مناصب وكلاء الوزارات ومدراء العموم تظل حكراً على ( قاطنيها ) وبصك شرعي حتى تقاعدهم أو وفاتهم ، وانظروا من حولكم إلى من تعرفونهم في تلك المناصب ، تجدوا أن بعضهم قد مر بهم عشرة وزراء وهم لازالوا باقين ، متمسكين بالكراسي « يعضون عليها بالنواجذ « وقد تبخرت لديهم ملكة الإبداع لطول السنين ، والأمر يقتضي إن كانت هناك رغبة في الإصلاح ، ورغبة في دفع عجلة العمل في مسارها الصحيح ، أن ينطبق عليهم ما ينطبق على الوزراء ، فهم أولى بالتغيير. وفي واقع الأمر ، فإن الوكلاء وكذلك المدراء العامين، هم الذين يسيرون الأعمال في دوائرهم ، وليس الوزراء الذين أعتبرهم « كالسفراء غير المقيمين « ، وهم الذين يتحملون سلبيات الإدارات التي يتبعونها . ثم ماذا يبقى للطامحين إلى الارتقاء إلى تلك المناصب طالما أن الوكلاء والمدراء العامين يشغلون هذه المناصب حتى يأذن الله برحيلهم أو تتم إحالتهم للتقاعد ؟! ونحن لانرى من بعض أولئك من يُعد وجوده مهماً بحيث يُقدم لوطنه وللبشرية عملاً خلاقاً يساهم في الرقي أو حتى يختصر رحلة شقاء المواطن نحو إنجاز مهامه ومتطلباته . دعونا نعطِ الفرصة ( لأجيال العولمة ) الذين ارتقوا بعلمهم وفكرهم وثقافتهم ، نمنحهم الثقة في اعتلاء تلك الكراسي ليطبقوا من عليها أساليب الإدارة الحديثة التي تعتمد على روح الفريق ، وطي قيد ( الروتين ) الممل وفصله من الخدمة نهائياً. وإذا ماسلمنا بمبدأ قرارات الأندية الرياضية التي تطبق قرار الاستغناء عن لاعبيها ممن تتعدى سنهم ( الثلاثين ) لتراجع لياقتهم ، فإنه من المستحسن أن نطبق هذه ( الروح ) في صفوف موظفي الدولة ، لكي يظهر جيل من الشباب في قمة لياقته الإدارية ، يمارس مهامه بسعة أفق وإبداع ، وذو تطلعات مستقبلية نحو الأفضل . والدولة حفظها الله لن تبخس حق أولئك الذين قدموا ما استطاعوا في حدود قدراتهم ، وحقا عليها أن تحيلهم إلى وظائف شرفية تقديراً لهم . في قضية الفساد التي تنظرها اللجنة التي شُكلت بأمر خادم الحرمين الشريفين حول الأضرار التي تعرضت لها مدينة جدة ، يقفز للأذهان سلبيات التواجد على الكراسي لمدد طويلة ، فهي تهيئ للمسئولين المفسدين ربط وتوثيق علاقاتهم مع الجهات المنفذة لمشاريع المناقصات وعقد صفقات تبادل المصالح مع أصحابها ، وأتمنى من الأجهزة الحكومية أن تحذو حذو وزارة الداخلية في مسألة تغيير القيادات ، فحركة التنقلات وتجديد الدماء تسير بشكل فصلي أحيانا ، نراها في صفوف مدراء الشرط والجوازات والأجهزة الأخرى التابعة لها ، هذا الإجراء الخلاق ساهم في الأداء العام للوزارة ، وجعل النجاح حليفها ، إذن لابد من ( حركة تنقلات ) في صفوف موظفي الأجهزة الحكومية لكي تُفوت على المفسدين شر مؤامراتهم، وفي انتظار القرار .