لعل مما يدعو للإعجاب بهذا الرجل -أنه على الرغم من فقدانه السمع والنطق فقد استطاع بما أتاه الله من موهبة- الوصول إلى مرتبة الشاعر المبدع والأديب الأريب وقاده طموحه إلى أن يشارك في العمل الحكومي مديراً لمراقبة المطبوعات.. ومعرفتي بالأديب محمد عبدالقادر فقيه قديمة حيث كنا جيراناً في الطائف المأنوس أيام زمان منذ ستين عاماً أيام الفقر مع راحة البال من مشاغل الحياة ومشاكلها، وتخلوا القلوب من بذور الحقد والحسد.. ويا لها من ذكريات.. وعندما أدركتني حرفة الأدب في مستهل أيام الشباب كنت حريصاً على الالتقاء بالأدباء والكتاب البارزين في بلادنا أمثال الأساتذة محمد حسن عواد، محمد حسن فقي، عبدالقدوس الأنصار، حمزة شحاته، حسين عرب، عبدالله عريف، عبدالله الغاطي، عزيز ضياء، محمد عمر توفيق، حسن قرشي، أحمد عبدالغفور عطار، طاهر زمخشري، صالح جمال وأخوه أحمد حسن قزاز.. الخ وكنت ومازلت منتمياً لمدرسة الأخوين صالح وأحمد جمال محاولاً السير على منوالهما والاقتداء بهما في الكتابة الصحفية والأدبية وقد استفدت منهما الشيء الكثير في دنيا الادب والثقافة والصحافة رحمهما المولى الكريم.. وتجدر الإشارة إلى أن الأستاذ أحمد جمال كان صديقاً للأستاذ محمد فقيه حيث كانت ميولهما الأدبية متقاربة خاصة في مجال الشعر.. وحدث أن بعثت برسالة إلى أديبنا الراحل محمد فقيه مستهلاً إياها بعبارة (الصديق الاستاذ) وقد رد عليها في حينه برسالة جوابية عبر فيها عن شكره وتشجيعه في السير في ركاب الأدباء ومتابعة ما ينشر لهم من مقالات وأفكار نيرة مع قراءة المزيد من كتب الأدب والتاريخ والسير.. إلى وقبل أن يختم رسالته وجه إلى ملاحظة على كلمة (صديق) التي وصفته بها متسائلاً لماذا قلت عني الاستاذ الصديق في حين أنه لم تك بيننا علاقة مستمرة طبعاً مع فارق السن- يمكن أن توصف بالصداقة ومعناها الكبير الذي لا يمكن إطلاقه هكذا على من تعرف ومن لا تعرف.. الخ قال لي ذلك باسلوبه المهذب وشاعريته المرهفة التي يغلب عليها الطابع الوجداني الذي يرتقي بالإنسان إلى آفاق بعيدة فيها الكثير من حب التسامي والابتعاد عن النزعة المادية والأهواء الشخصية.. وهناك جانب آخر بودي التحدث عنه وهو إعجابي الشديد بنفر قليل من الأدباء الذين تنطبق عليهم صفة (الأديب) بحق وحقيق قولاً وعملاً وسلوكاً.. وقد كان منهم الأستاذ الأديب حقاً وصدقاً (عبدالعزيز الرفاعي) وكان الآخر صديقه الراحل العزيز (محمد فقيه) غفر الله لهما وأسكنهما فسيح جناته وقبل الختام لا بد من الإشارة إلى أن للأستاذ محمد فقيه مجموعة شعرية كاملة - فيها نماذج رائعة من شعره المتعدد الألوان والأهداف النبيلة حبذا لو يستفيد منها شداة الأدب وهواة الشعر الرصين للتزود من المعاني الرائعة والحكم والأمثال التي تغنى بها الشاعر الراحل طيب الله ثراه وجزاه خير الجزاء.