* هجرة الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه لم تكن مجرد هجرة فقد كان فيها من العبر والدروس والحكمة ما يكفي الأمة أن تسير على نهجه ونور بصيرته الى أن تقوم الساعة.. * والجميع يعلم تفاصيل الهجرة المحمدية وكل من كان معه من صحبه الكرام وكل من عاضده وناصره من الصحابة والصحابيات رضي الله عليهم وارضاهم أجمعين. العبرة ان الجميع كانوا على يقين أن الله جل في عُلاه سينصر نبيه محمد بن عبدالله ويعلي به كلمته وينشر به دينه الاسلام، وأن ما وقر في قلب كل مؤمن في عهد القوة والنصر - وهو بزوغ فجر الدين الإسلامي - (اليقين) الذي اصله الايمان الصادق، والتصديق المحض والمطلق (بالكتاب والسنة) القرآن الكريم قول الله تعالى وهو في أول ترتيله ونزوله، والسنة المحمدية وهي في بدايات تشريعها ورسم نهجها وسبل اقتدائها.. والاعظم والصفة الامثل والسمة الابرز ما كان من معلم الأمة نهجها ودستور حياتها الذي جاء (رحمة) للعالمين، التزامه وتشبثه وتمسكه بمبادئه وقيمه المستمدة من الدين الاسلامي، والمتمثلة في شخص وشخصية رسول الهدى صلوات الله وسلامه عليه. * إن هذا النموذج الامثل للقائد، وأركان القيادة من الصحب الكرام، وما يليه هو ما يجب أن يؤخذ به في كل الدول والمجتمعات العربية والاسلامية وأن يفهم الدين الاسلامي الفهم الاعمق والاتباع الصحيح فقوة الشخصية والفكر المدرك ما يكون الإنسان عليه من الأمانة والخلق الفاضل والعقيدة الصحيحة السليمة.. قال تعالى: (فبهداهم اقتده). * لئن سألنا أنفسنا في عامنا الهجري الجديد، الى أين تكون هجرتنا؟ * هل ستكون الى الله ورسوله، أم الى الدنيا ومتاعها الزائل متاع الغرور، لينتهي كل فرد بهجرته التي هاجر اليها، يقول البعض من الناس من باب التبطر والجهل، أنا سوف اهاجر الى مدينة كذا، والى دولة كذا والى والى.. الخ وهو المسكين لا يعلم انه في كل خطوة يخطوها وفي كل عمل يقوم به وكل سلوك وخلق يتخذه وكل ساعة وكل يوم وسنة هو مهاجر الى ما هاجر اليه ب(نهجه في حياته) وسلوكه المتبع...، قال صلى الله عليه وسلم:”من كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها او امرأة ينكحها فهجرته الى ما هاجر اليه”. * لب القضية أن عصرنا الحاضر يشهد التفريط والانفلات في الدين والمبادئ والخلق والامانة، إلا من هدى الله. فماذا ننتظر من أمة اصبح هذا حالها؟!! إن مكانتنا الأسرية والاجتماعية ليست طريقة أو وسيلة ترفّع أو ترف او تسلط او اجحاف بحقوق من تولينا أمرهم، وأوكلت الينا رعايتهم ومسؤوليتهم، فنحن المسلمين كالبنيان يشد بعضنا بعضا فكيان الأمة جسد واحد، هو ضمان للفرد والمجتمع بأن يعيش بسلام وأمان واطمئنان وراحة واستقرار في بيته ومجتمعه وذلك لا يتوفر ولن يتحقق الا بالعمل بالامانة، الامانة التي ضيعنا وفرطنا في قدسيتها والتزامها، وأخذنا في البعد رويداً رويداً عن مضامين روح الاسلام، ليغدو اسماً بلا معنى .