وتحدث ما عَدَّه بعضهم (كارثة) أو (مصيبة) أو (تسونامي) أو .... وعلى أي حال فهو قضاء وقدر ولله الحكمة البالغة بما يقدره سبحانه وتعالى.نسأل الله تعالى أن يكتب للغرقى أجر الشهداء ،وأن يجبر مصاب سكان جدة ويعوضهم عما فقدوه.ونسأله تعالى أن يجنب بلادنا كافة المصائب والكوارث وكل شر وسوء . وقد تحدث الإعلاميون والخطباء والكتاب عن ذلك الحدث وكل أفصح عما يدور بخاطره ووصف مشاعره وساهم بجهده في التذكير والتعزية والتسلية والتعاون مع الجهات الحكومية والأهلية في علاج المصاب وتخفيف آثاره. وكنت كتبت مقالاً في هذا الموضوع بعد وقوع المصيبة بأسبوع تقريباً..ولكنني وأنا أتابع ما يقال وينشر عن الحدث لفت نظري مقال لأحد الصحفيين رأيته نشازاً غريباَ عجيباً!! فقد كتب معلقاً على بيان أصدره أكثر من خمسين من المشايخ وأساتذة الجامعات وغيرهم من الأعلام بيَّنوا فيه رأيهم فيما حصل وأثنوا على موقف خادم الحرمين الشريفين من الحدث وأمره الكريم الحازم وأكدوا على أنهم مثل بقية أفراد المجتمع السعودي يترقبون نتائج ما تصل إليه اللجنة التي أمر بتشكيلها خادم الحرمين الشريفين عسى أن يكون فيها ما يعالج هذا الحدث ويمنع - بإذن الله تعالى- وقوع أمثاله ويعالج أسبابه علاجاً عادلاً منصفا.. وفي ختام بيانهم ذكَّروا الناس بالله تعالى وبينوا أن من أسباب المصائب -عموماً- المعاصي والبعد عن الله تعالى فيجب الحذر من الذنوب والمعاصي وتجديد التوبة إلى الله من كل ذنب ... وان من أسباب حفظ الله للمجتمعات المسلمة إقامة شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. فشنَّ ذلك الكاتب هجوماً عنيفاً على المشايخ والبيان وأتهمهم باتهامات حكم بها على النوايا،وقال:(ولكن بعد منتصف البيان (في الفقرة السابعة) هناك حديث عن ارتباط الكوارث بالذنوب،وكأن مصاب مدينة جدة نتيجة لما يعتبرونه مظاهر فاسدة كانت السبب وراء ما أصاب المدينة ؛ وهناك دعوة لدعم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ولو تأملنا البيان لوجدنا أنه أراد تسويق الفقرة السابعة باعتبارها هي فكرته الأساسية لأن ما قبلها وما بعدها كلام مكرر لا جديد فيه . وقد سبقتها إشارة إلى التحذير من الذنوب والمعاصي تمهد لهذه الفقرة) .. وتعليقاً على ذلك أقول : لست واحداً من المشايخ المقصودين ولا أعرف أحداً فهم ، ولكني أتحدث عن حقائق شرعية لا يجوز التلاعب بها. إن لحكم على الغيب ليس من حق أحد كائناً من كان ، فالجزم بأن ذلك عقوبة أو ابتلاء أو غيرها لا يمكن .. ولكننا نقرأ في كتاب الله تعالى : ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) سورة الروم 41.وقال تعالى : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) سورة الشورى 30.وقال تعالى :( ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك ) سورة النساء 79.وقال تعالى :( أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير ) سورة آل عمران 165. هذا خبر القرآن الكريم كل مصيبة بسبب ذنوب بني آدم ؛ وتأتي الابتلاءات لعل الناس يرجعون إلى ربهم وعفو الله واسع وكرمه عظيم . والكتاب جميعهم يقولون إن من أسباب حادثة جدة وسيولها العظيمة هو الفساد المالي، وإهمال بعض المسئولين والمقاولين ؛ ولذلك أُنشئت اللجنة وكلفت بمحاسبة كل مقصر أو مفرط كائناّ من كان -كما ورد في نص أمر خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ووفقه-. فلم يقل المشايخ شيئاً من عند أنفسهم .. وليس الحديث عن الفساد والمعاصي من قبيل الشماتة أو التشفي أو غيرهما وإنما هو تذكير وتنبيه وحب وأداء الواجب .. وقد وقعت المصائب على الناس على مر العصور كما وقعت على جميع الشعوب والبلدان وليس هناك أحد معصوم منها .. وفيها عظيم الأجر لمن صبر وبذل وأحسن ونفع إخوانه وأهله والمسلمين . أما ما ذكر الكاتب من أن الحديث عن المعاصي ووجودها في مجتمعنا تَشَّبه وقرب وموافقة للإرهابيين في اتهام (مجتمعنا) بوجود المعاصي ومحاربتنا بناء على ذلك فذلك خلط كبير ووهم مردود؛ فإلارهابيون خارجون على الأمة والبلاد وولاة الأمر مفسدون في البلاد ولا حجة لهم في أعمالهم الإرهابية التي يستنكرها كل عامل مخلص لدينه وولاة أمره. أما المشايخ والدعاة والمصلحون في المملكة العربية السعودية فهم شديدو الحب لولاة أمرهم مخلصون لهم ناصحون للناس يبينون للناس طريق الخير ليسلكوه وطريق الفساد والضلال ليتركوه .. وهم قد كتبوا أسماءهم الصريحة وكتبوا كلاماً واضحاً بينما لا ليس فيه . وهم علماء وفقهاء يقدرون للكلمة قدرها . وأنا وأنت يا أخي الكاتب خطاؤون ذنوبنا كثيرة أسأل الله بأسمائه الحسنى أن يغفر لي ولك ولا يؤاخذنا بذنوبنا إنه سميع قريب مجيب . وهنيئاً لأهل جدة بأن قتلاهم -إن شاء الله- شهداء في الجنة . والصابرون العاملون للخير المنقذون للناس المقدمون لهم السكن والطعام لهم الأجر العظيم والثواب الكبير من ربنا الكريم الرحيم الذي وسعت رحمته وفضله وكرمه كل شيء . •عضو الجمعية العلمية السعودية للغة العربية