قال الضمير المتكلم : تأملوا هذا الخبر الذي بثته (وكالات الأنباء العالمية 4 ديسمبر الحالي) : «أوقفت السلطات الصحية في يانغون، عاصمة ميانمار (بورما) ، طبيبا جراحا عن العمل لمدة خمس سنوات، لارتكابه خطأ تشخيصيا ؛ إذ أجرى عملية لاستئصال الزائدة الدودية لفتاة تبلغ الخامسة عشرة من عمرها ، بينما كانت تعاني من داء حمى الضنك» ، صدقوني لا أعرف عن ( ميانمار ) هذه إلا أنها دولة تقع في الجنوب الشرقي لقارة آسيا، وأن المسلمين فيها مضطهدون ، وأنها تأتي في المرتبة الثامنة عالمياً من حيث الفساد حسب تقرير منظمة الشفافية العالمي عن عام 2009م ؛ ولكن ما يلفت النظر في هذا الخبر الاهتمام بصحة البشر ، في هذه الدولة المتهمة بالفساد ؛ حيث سرعة معاقبة من يرتكبون الأخطاء الطبية ، والإعلان عن العقوبة واسم المستشفى ، وربما الطبيب المتهم حتى في وسائل الإعلام العالمية ؛ أما نحن وقد زعمنا التطور والشفافية والمصداقية التي يفترض أن تكون نابعة من ديننا ؛ فالأخطاء الطبية التي نتيجتها الوفيات والإعاقات في ازدياد ؛ وإذا لم يشتك صاحب الشأن أو تصل الأخطاء إلى وسائل الإعلام ؛ فإنها تكون طي الكتمان وتمر مرور الكرام ؛ فإن ظهرت للعيان يكتفى بالتصريح بأن الموضوع قَيد التحقيق ؛ وإذا أجبرت الجهات المسئولة على العقوبة ؛ فلا تعدو أن تكون غرامة مالية تدخل خزينة وزارة الصحة دون التشهير بالطبيب أو اسم المستشفى الجاني ؛ وأقرب شاهد قضية الدكتور طارق الجهني -رحمه الله- وهو الذي دخل المستشفى على قدميه ؛ فقد توفي وتيتم أطفاله ؛ بسبب خطأ في التخدير على يد طبيبة لا تربطها أي صفة رسمية بالمستشفى إلا أنها زوجة أحد الأطباء فيه ! يا هؤلاء لماذا أرواح البشر رخيصة ؟ ولماذا تكثر الأخطاء الطبية عندنا ؟ ولماذا التهاون في إصدار العقوبات وإعلانها ؛ إنها يا سادة سيطرة قبضة المال ؛ فالرغبة في الكسب والثراء دون الإنفاق تجعل التجار من أصحاب المستشفيات الخاصة أو المشغلين للحكومية يبحثون عن الكوادر الرخيصة غير المؤهلة ؛ والمال نفسه يمنح أولئك الحصانة ؛ فلا يشهر بهم أو بمستشفياتهم ! رسالة مع التحية لوزير الصحة لقد أصبحت زيارة المستشفى في بلادنا ، ودخول غرف عملياتها بمثابة زيارة للموت ؛ فمتى ينتهي كابوس الأخطاء الطبية ؟ ومتى يحمى الأبرياء من جشع الأغنياء ؟ ألقاكم بخير والضمائر متكلمة . فاكس : 048427595 [email protected]